شعبة وهو يرعى في نوبته فانصرف إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١) ليبشره، واستقبله أبو بكر رضي (٢) الله عنه فأقسم عليه أن لا يسبقه بالبشارة، فرجع المغيرة إلى هؤلاء الوفود يعلمهم التحية إذا دخلوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١)، فأبوا عليه إلا تحية أهل الجاهلية، وكان خالد بن سعيد بن العاص يمشي بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١) وبين القوم وهو (٣) الذي كتب كتابهم، فلما دخلوا عليه قالوا: يا محمَّد نحن أخوالك (٤) وأصهارك وجيرانك وخير أهل نجد سِلمًا وأضرهم عليك حربًا، إن سالمنا سالم من بعدنا وإن حاربنا حارب من بعدنا، فقال -عليه السلام- (٥): "ماذا تريدون؟ " قالوا: نبايعك على ثلاث خصال: أن لا نحني -يعنون في الصلاة- وأن لا نكسر أصنامنا بأيدينا وأن يمتعنا بالطاغية سنة -يعنون اللات-، فقال -عليه السلام-: "لا خير في دين لا صلاة فيه ولا ركوع ولا سجود، وأما أن لا تكسروا أصنامكم بأيديكم فذلك لكم، وأما الطاغية فإني غير ممتعكم بها"، قالوا: يا رسول الله، إنا نحب أن تسمع العرب بأنك أعطيتنا بما لم يعط غيرنا، فإن كرهت وخشيت أن تقول العرب أعطاهم ما لم يعطنا فقل: أمر ربي بذلك. فسكت -عليه السلام- ودعا بوضوء فقال عمر بن الخطّاب: أحرقتم رسول الله أحرق (٦) الله أكبادكم (٧) إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٨) لا يدع الأصنام في أرض العرب، إما أن تسلموا وإما أن ترجعوا فلا حاجة لنا فيكم، فأنزل الله: ﴿لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ﴾ (٩)، أي: كدت تمتعهم بالطاغية سنة أو كدت تتمنى أن لا ينزل عليك ما ينفرهم عنك.

(١) (صلى الله عليه وسلم) ليست في"أ" "ب".
(٢) (رضي) ليست في "ب".
(٣) في "ب": (بين).
(٤) في الأصل: (أخو الملك).
(٥) في "ب": (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-).
(٦) في الأصل: (فأحرق).
(٧) في الأصل: (أكبادهم).
(٨) (صلى الله عليه وسلم) ليست في "أ".
(٩) بهذا السياق لم نجد هذه الرواية، ولكن هناك روايات قريبة في معناها العام عند البغوي في تفسيره عند كلامه على هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon