وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ﴾ مؤمنو أهل الكتاب (١)، وورقة بن نوفل كان قد أدرك الوحي وسمع القرآن ووعد النصرة عند الدعوة فما عاش إلى حين الدعوة، وعن ابن أبي بكر بن حزم: لما هاج اليهودي فوق الأطم يعني بالماء: هذا كوكب أحمد قد طلع وهو كوكب لم يطلع إلا بالنبوة، قيل لأبي قيس من بني عدي بن نجار وكان يترهب ويلبس المسوح: ما يقول هذا اليهودي؟ فقال: انتظاره الذي صنع بي هذا، أنا أنتظره حتى أصدقه فأتبعه، قال ابن حزم: وكان أبو قيس قد صدق بالنبي -عليه السلام- وهو بمكة وكان (٢) شيخًا كبيرًا فلم يخرج حتى قدم النبي -عليه السلام-، وعن زيد بن أسلم أن أساقفة الحبشة استأذنوا النجاشي فوفدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٣) بمكة فكانوا عشرين (٤) رجلًا فيجدونه عند المقام جالسًا فجلسوا إليه، فكلمه أسقف منهم يقال له: طابور، وقال: أنت الذي تزعم أنك رسول الله؟ قال: "نعم"، قال: إلى ما تدعو؟، قال: "أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله"، ثم تلا القرآن فبكوا جميعًا حتى اخضلَّت لحاهم (٥)، فقال طابور: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وشهد أصحابه ما شهد، فلما قاموا اعترضهم أبو جهل وأمية بن خلف، فقالا لهم: حياكم الله من ركب بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل فلم يطلب مجلسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه بما قال، وهو عندنا منذ عشر سنين ما استجاب له إلّا غلام سفيه وآخر لا مال له وما (٦) نعلم ركبًا أحمق منكم، قالوا: سلام عليكم ولا نجاهلكم لنا ما نحن عليه ولكم ما أنتم عليه لم نأل أنفسنا خيرًا، فأقاموا عند

(١) قاله مجاهد، أخرجه الطبري في تفسيره (١٥/ ١٢١).
(٢) في "ب": (بالنبي - ﷺ - شيخًا).
(٣) (صلى الله عليه وسلم) في الأصل فقط.
(٤) المثبت من "ب"، وفي البقية (عشرين).
(٥) المثبت من "ب"، وفي البقية كلام غير مفهوم.
(٦) في الأصل: (ولا).


الصفحة التالية
Icon