"ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأعمى وأقرع " على ما في الصحيحين (١).
﴿جُرُزًا﴾ مكانًا لم يصبه المطر، وقيل: غليظة يابسة لا نبت فيها، وقيل: كأنه أكل نباتها، وأوانه إمّا عند خروج يأجوج ومأجوج، وإما عند انقطاع الحرث والنسل وإما عند البعث ﴿يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ [النبأ: ٤٠]، الآية.
﴿أَمْ﴾ بمعنى استفهام (٢) وإنما لم يكونوا من آيات (٣) الله عجبًا لجريان سنة الله بالكرامات (٤)، وأصحاب الكهف فتية من اليونانية، واليونانية جيل من الناس كانوا يسكنون بلاد الروم ويختلطون بهم، والاختلاف بينهم كالاختلاف بين القحطانية والعدنانية، وكانوا معنيين بعلم الفلسفة مختلفين فيها؛ فمنهم موحد ومنهم مشرك، وكان ذو القرنين منهم فلما توفاه الله امتنع ابنه عن المملكة فورث ملكه البطالمة؛ قاسم بطليموس الأول لوغوس وكان ملكه ثمانيًا وثلاثين سنة، واسم بطليموس الثاني دقيانوس وكان ملكه أربعون سنة وكان مشركًا، فابتدا أمر هؤلاء الفتية في زمانه وكانوا قد هربوا منه. وامتد سلطان البطالمة من بعد دقيانوس إلى نيف وستين ومائة سنة، ثم زال ملكهم وتحول أمر الروم إلى القياصرة من أولاد عيصو بن إسحاق بن إبراهيم (٥) وأولهم أغسطوس، وفي عصره كان ميلاد عيسى -عليه السلام-، وانتهت مدة هؤلاء الفتية في الكهف إلى نهايتها والقياصرة يومئذ على النصرانية.
و ﴿الْكَهْفِ﴾ الغار ﴿وَالرَّقِيمِ﴾ قرية عند الكهف (٦)، وقال الفراء: اللوح من رصاص فيه قصتهم وأسماؤهم (٧).
(١) حديث هؤلاء في الصحيحين البخاريُّ (٣٤٦٤)، ومسلم (٢٢٣٧).
(٢) هذا عند جمهور النحاة ويجوز أن تكون منقطعة فتقدر بـ"بل" التي للانتقال.
(٣) (آيات) ليست في "ب".
(٤) في الأصل: (بالمكرمات).
(٥) من قوله (ثم زال) إلى هنا ليست في "ب".
(٦) وقيل: هو اسم للكلب الذي كان مع أصحاب الكهف، وأنشدوا لأمية بن أبي الصلت:
وليس بها إلا الرقيم مُجاورًا وصيدَهُمُ، والقومُ بالكهفِ هُمَّدُ
[البحر (٦/ ٩٣)، ديوان أمية (ص ٣٧٥)].
(٧) ذكره الفراء في معانيه (٢/ ١٣٤).


الصفحة التالية
Icon