﴿تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (٦٨) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (٦٩)﴾ قال له الخضر: ﴿فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ قال: نعم.
فانطلق الخضر وموسى يمشيان على ساحل البحر فمرَّت بهما سفينة فكلماهم أن يحملوهما فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نولٍ، فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة فنزعه، قال موسى: قوم حملونا بغير نولٍ فعمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ قال: ﴿أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (٧٣)﴾.
ثم خرجا من السفينة، فبينا هما يمشيان على الساحل إذا غلام يلعب مع الصبيان فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥)﴾ [قال: وهذه أشد من الأولى] (١) قال: ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (٧٦) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ يقول (٢): مائل، قال الخضر بيده هكذا ﴿فَأَقَامَهُ﴾ قال له موسى: قوم أتيناهم فلم يضيفونا ولم يطعمونا و ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٧٨)﴾.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رحم الله موسى لوددنا أنه كان صبر حتى يقص علينا من أخبارهم" (٣) وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٤):"الأولى كان من موسى نسيانًا"، قال: "وجاء عصفور حتى وقع على حرف السفينة ثم نقر في البحر
(٢) في الأصل و"ي": (هول).
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره (١٥/ ٣٢٦)، والبخاري في صحيحه (٣٢٧٨)، ومسلم في صحيحه (١٧٠/ ٢٣٨٠) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٤) (صلى الله عليه وسلم) من "ب" والأصل.