هو رسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول، قال: فضرب يده إلى الأرض فأخذ منها عودًا، قال: ما عدا ابن مريم ما قلت هذا العود، فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال، فقال النجاشي: وإن نخرتم والله، ثم قال لجعفر وأصحابه: اذهبوا فإنهم سيوم - والسيوم الآمنون بلغتهم- من سبكم غرم يقولها ثلاثًا، ثم ذكرت باقي الحديث (١).
﴿فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ﴾ أي: من جهة ما بينهم من غير برهان.
﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ﴾ في معنى قوله: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: ٢٢].
﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾ عن أبي سعيد الخدري قال: قرأ رسول الله - ﷺ - (٢): ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾ قال: "يؤتى الموت كأنه كبش أملح حين يوقف على السور بين الجنة والنار، فيقال (٣): يا أهل الجنة، فيشرئبون، ويقال: يا أهل النار، فيشرئبون، فيقال: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت، فيضجع فيذبح فلولا أن الله تعالى قضى لأهل الجنة الحياة والبقاء لماتوا فرحًا، ولولا أن الله تعالى قضى لأهل النار الحياة والبقاء لماتوا ترحًا" (٤).
﴿يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ﴾ فيه بيان غاية القبح والاستحالة وليس فيه ما يدل على جواز عبادة ما يسمع ويبصر، وقوله: ﴿وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا﴾ يدل على امتناع جواز عبادة كل من هو دون الله، ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ﴾ فيه محافظة الأدب من وجهين:
أحدهما: التبرؤ من الحول والقوة لوجه الله تعالى.
والثاني: ترك التفضل على أبيه من ذات نفسه.

(١) أحمد (١/ ٢٠١) (٥/ ٢٩٠)، والبيهقي في الدلائل (٢/ ٣٠١) وسنده حسن.
(٢) (صلى الله عليه وسلم) ليست في "أ" "ي".
(٣) في "أ": (ويقال).
(٤) البخاري (٤٧٣٠)، ومسلم (٢٨٤٩). وليس فيه: (.. فلولا أن الله) ولكن هذه الزيادة
عند الترمذي (٣١٥٦) وهذه الزيادة حقيقة غير ثابتة.


الصفحة التالية
Icon