﴿أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢)﴾ (١) وعن ابن عباس قال: لما نزل عليه الوحي بمكة اجتهد في العبادة فاشتدت فجعل يصلِّي الليل كله زمانًا حتى تبين ذلك عليه: نحل جسمه وتغير لونه وتورمت قدماه حتى نزل ﴿طه (١)﴾ يا رجل بلسان لعكّ (٢).
وقيل: إن الحرفين يشيران إلى الطهو الذي هو الإصلاح والإيضاح، والتقدير: أيها الطاهي، وقيل: يشيران إلى الطهارة والهداية، التقدير: أيها الطاهي والهادي، وقيل: يشيران إلى الوطء والتنبيه، التقدير: طأ فراشك أيها الرجل أو طأ الأرض بقدميك أيها الرجل، وقيل: يشيران إلى الطمأنينة والهدوء أي اطمئن واهدأ، وقيل: الطا تسعة والها خمسة من حساب الجمَّل، وهما أربعة عشر، والليلة الرابعة عشرة ليلة البدر فكأنه قيل: أيها البدر، وسئل الرجل البراء بن عازب: أكان وجه رسول الله مثل السيف؟ قال: لا مثل القمر، وقال جابر بن سمرة: رأيته في ليلة أضحيان وعليه حلة حمراء فجعلت انظر إليه وإلى القمر فهو أحسن عندي من القمر (٣)، وقد وصفه الله بأنه سراج منير فلا يبعد أن يصفه بأنه بدر.
﴿إِلَّا تَذْكِرَةً﴾ نصب بما أنزلنا، أي: ما أنزلنا إلا تذكرة فكأنه بدل من ﴿لِتَشْقَى﴾، وقيل: استثناء منقطع معناه: لكن أنزلناه تذكرة (٤).

(١) ابن عساكر (٤/ ١٤٣).
(٢) قريبًا منه عند البيهقي في الدلائل (١/ ١٥٨، ١٥٩). ملاحظة في المخطوطات (عكة) والتصريح من الدلائل.
(٣) النسائي في الكبرى (٩٦٤٠).
(٤) في نصب "إلا تذكرة" عدة أوجه:
الوجه الأول: أن تكون مفعولًا من أجله والعامل فيه فعل الإنزال، وذكر الزمخشري أنه جاز قطع اللام عنه ونصبه لاستجماعه الشرائط.
والوجه الثاني: أن تكون "تذكرة" بدلًا من محل "لتشقى" وهذا رأي الزجاج وتبعه ابن عطية، واستبعده أبو جعفر النحاس في إعرابه، ورده الفارسي بأن التذكرة ليست بشقاء. =


الصفحة التالية
Icon