﴿وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ﴾ إنما وصفوا فرعون بالإكراه لأنهم كانوا مستيقنين بأن فرعون لا يخلي من لم يتسارع إلى هواه سالمًا، وقيل: كان يكلف الغلمان أن يتعلموا السحر ويسلط عليهم المعلمين، فكان ابتداء أمرهم على الإكراه، ويحتمل أنهم نفوا عنه الإكراه، وأن تقدير الآية: (إن تغفر لنا خطايانا من السحر ولم تكرهنا عليه) فإن كان كذلك فلم يريدوا بذلك تزكية ولكنهم أرادوا تحقيق الاعتراف بما أوحيت من الاستغفار، وكيف ما كان تقدير الآية وتفسيرها ففيها دلالة على انتهاء أعمالهم لم يكن على سبيل الإكراه.
﴿مُجْرِمًا﴾ بالكفر بدليل الآية التي تليها على سبيل الإطباق، وإنما علموا هذا العلم لما كانوا سمعوه من موسى وهارون عليهم السلام، أو لما كان بقي منهم من يعقوب ويوسف والأسباط عليهم السلام.
قوله: ﴿مُؤْمِنًا﴾ مطابق لقوله ﴿مُجْرِمًا﴾، وفي قوله ﴿قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ﴾ فائدتان: التمييز بين العمل والإيمان؛ لأنه لو كان العمل إيمانًا لكان تقديره: ومن يأته مؤمنًا قد آمن، والثانية: تنبيه عن المصلحين وعن المؤمنين بالسكوت عنهم، وذلك إشارة إلى خلود أو إلى جزاء مضمر أي ذلك الجزاء من تزكى] (١).
عن ابن عباس أن رسول الله - ﷺ - مر وأبو بكر بن أبي قحافة والدليل الذي معهما حتى هجموا على رجل من العرب وامرأة لهما عنز ليس لهما غيرها، قال الرجل لامرأته: ألا نذبح هذه العنز لهؤلاء النفر وإني أرى قومًا لهم حق فقام فذبحها، فلما قاموا من قومهم أطعمهم

= ﴿مَا جَاءَنَا﴾، والتقدير: لن نؤثرك على الذي جاءنا ولا على الذي فطرنا. ويجوز أن تكون الواو للقسم والموصول مقسم به وجواب القسم محذوف، والتقدير: وحق الذي فطرنا لا نؤثرك على الحق.
[الدر المصون (٨/ ٧٧)].
(١) هنا ينتهي الخط الرديء في الأصل.


الصفحة التالية
Icon