أُوتُوا الْعِلْمَ} [النحل: ٢٧]، وإن كان المراد ما دون اليوم فمعناه أبلغهم مذهبًا في وصف سرعة الانقلاب.
﴿وَيَسْأَلُونَكَ﴾ ابن عباس: رجال من ثقيف (١).
﴿فَيَذَرُهَا﴾ يعني الأرض ﴿قَاعًا﴾ ذكر أبو عبيد الهروي أن القاع المكان المستوي في وطأة من الأرض يعلوه ماء السماء فيمسكه ويستوي نباته (٢)، وجمعه قيعان وقيعة كجيران وجيرة، ومنه قوله: ﴿كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ﴾ [النور: ٣٩] ﴿صَفْصَفًا﴾ قريب من القرقر (٣) والسبب.
﴿لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا﴾ أراد بنفي العوج: إثبات مساحة الأقطار (٤) وبنفي الأمت (٥): إثبات التمدد والانتشار، و (الأمت) في اللغة: التثني فلا مزاد به حتى لا أمت فيها، وقد يكون حزرًا وتقديرًا يقال: بيننا وبين الماء ثلاثة أميال على الأمت لأن التقدير يتعلق باعتبار الآثار من الارتفاع والانحدار.
﴿لَا عِوَجَ لَهُ﴾ أي الله داعي اتباعهم ﴿هَمْسًا﴾ أنفاسًا وصوت وطء

(١) ذكره ابن الجوزي في تفسيره (٣/ ١٧٦) عن ابن عباس أن رجالًا من ثقيف أتوا رسول الله - ﷺ - فقالوا: يا محمَّد كيف تكون الجبال يوم القيامة؟ فنزلت هذه الآية.
(٢) وهو قول ابن قتيبة أيضًا نقله عن ابن الجوزي ومنه قول ضرار بن الخطاب:
لتكونَنَّ بالبطاح قُرَيْشٌ فَقْعَةَ القاعِ في أكُفِّ الإِمَاءِ
[البحر (٦/ ٢٧٠)، زاد المسير (٣/ ١٧٦)].
(٣) قال الفراء: الصفصف الأملس الذي لا نبات فيه. وكذا قال الكلبي والقرطبي وغيرهم، وأنشد سيبويه قول الأعشى:
وكَمْ دون بيتكَ من صَفْصَفٍ وَدَكْدَاكِ رَمْلٍ وأَعْقَادِهَا
[معاني القرآن للفراء (٢/ ١٩١)، تفسير القرطبي (١١/ ٢٤٦)].
(٤) قال الطبري: المراد بالعوج الميل وذلك هو المعروف في كلام العرب، والمعنى: ليس فيها أودية وموانع تمنع الناظر أو السائر فيها عن الأخذ على استقامة، وأما الأمت: فإنه عند العرب الانثناء والضعف ومنه قول الراجز العجاج:
ما في انجذابِ سَيْرِهِ مِن أَمْتِ
[الطبري (١٦/ ١٦٦)].
(٥) في "أ": (الأست).


الصفحة التالية
Icon