وأنه هو الذي يذكر آلهتهم بالسوء، ويحتمل أنها في معنى قوله: ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ﴾ [الأنعام: ٨١].
﴿مِنْ عَجَلٍ﴾ من طين إنما غير للتجنيس اللفظي، وقيل: هو مجاز كما يقال: خلق فلان من الرفق والحكمة وفلان من الخرق والطيش، وهذه حروف مؤخرة بما بعدها في التقدير مقدمة في التلاوة ﴿تَأْتِيهِمْ﴾ عائدة إلى الآيات في قوله: ﴿سَأُرِيكُمْ آيَاتِي﴾.
﴿يَكْلَؤُكُمْ﴾ يحفظكم ويحرسكم (١) ﴿بَلْ﴾ للإضراب.
﴿يُصْحَبُونَ﴾ يحفظون، من قولك: صحبك الله أي حفظك، وقال المازني: هو من الإصحاب وهو المنع (٢).
﴿حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ أراد أحد أشياء ثلاثة (٣): إما التنبيه على قساوة القلب باعتياد الكفر والإنكار فإن طول العمر على عادة واحدة مما يؤكد العادة، وإما التنبيه على بلوغهم نهاية الأجل فإن الشيء إذا طال بلغ نهايته، وإذا بلغ نهايته انقضى ﴿نَفْحَةٌ﴾ فورة من الخير والشر، ونفح الريح بردها، ونفح العرق إذا نعر، ونفحت: أراد أن الجارية بالمسك وفلان نفاح بالخير.
﴿الْقِسْطَ﴾ صفة الموازين (٤) ﴿خَرْدَلٍ﴾ حبّ في حجم بزر قطونا في غاية الحرافة يتغرغر به من في دماغه فضل رطوبة.
إنَّ سُلَيْمَى واللهُ يكلؤها | ضَنَّتْ بشيء ما كان يَرْزَؤُهَا |
(٢) الإصحاب بمعنى المنع مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ذكره ابن الجوزي في تفسيره (٣/ ١٩٢).
(٣) في الأصل: (أراد حد شيئًا ثلاثمائة).
(٤) يرد إشكال هنا وهو أن الصفة تتبع الموصوف في الإفراد والجمع، فلماذا أفرد النعت هنا والمنعوت جمعًا. فالجواب أنه في الأصل مصدر والمصدر يُوَحَّد مطلقًا كما يجوز في "القسط" أن تكون مفعولًا لأجله وإن كان معرفًا بأل، ومنه قول الشاعر:
لا أَقْعُدُ الجُبْنَ عن الهيجاءِ | ولو تَوالَتْ زُمَرُ الأعداءِ |