وحكم سليمان -عليه السلام- (١) وهو ابن إحدى عشرة سنة. قول سليمان: غير هذا كان أوفق دليل على جواز مشاركة النبي والإمام في الاجتهاد لقوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: ١٥٩]، وقول داود -عليه السلام-: عزمت عليك، دليل على وجوب طلب "الإحسان ما أمكن، ولهذا رجع أبو حنيفة من قول إلى قول، وفي قضائه بقضاء سليمان دليل أنه كان على سبيل الفتوى ولم يبرم قضاه، أو كان من شريعته فسخ الاجتهاد، أو (٢) أوحى الله إليه أن الحق ما قاله سليمان فصار فسخ اجتهاد بالنص، والحكم في شريعتنا على ما روى أبو هريرة عنه -عليه السلام- (١): "العجماء جبار والمعدن جبار" وفي بعض الروايات: "جرح العجماء جبار" (٣) فيستعمل الخبرين العام على عمومه والخاص على خصوصه.
﴿وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ دليل على حسن حكم داود وإن كان حكم سليمان أحسن منه، وإن أقاويل المجتهدين كلها دين الله تعالى ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ﴾ ﴿وَالطَّيْرَ﴾ لمحاولة داود كان خلاف العادة فتميز لأولي الألباب بإذن الله تعالى.
﴿صَنْعَةَ لَبُوسٍ﴾ ما يلبس كالمركوب ما يركب والسَّحُور ما يتسحر به، يعني الدرع من الحديد.
﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً﴾ كانت ريحه -عليه السلام- (٤) ﴿تَجْرِي﴾ مدة رخاء ومدة عاصفة علي مقدار المراد مصلحة الحال، وذكروا في قوله ﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ [سبأ: ١٢] كان يقتل بأصطخر فارس ثم يروح إلى كابل ثم يرجع إلى بلاده، قالوا: وكان والي خراسان يومئذ كسرى بن ساوش ابن كيقابوس تزحزح لسليمان عن مملكة العراق وفارس حتى انتهى إلى بلخ،

(١) (السلام) ليست في "ي".
(٢) (أو) ليست في الأصل.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المساقاة، كتاب الديات (٣/ ١٤٥)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب جرح العجماء (٣/ ١٣٣٤).
(٤) (السلام) ليست في "ي".


الصفحة التالية
Icon