إلى الكتاب فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة، قال: فتخلق فتعيش في أجلها وتأكل رزقها وتطأ أثرها حتى إذا جاء أجلها ماتت فدفنت في ذلك المكان. ثم تلا عامر: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ﴾ إلى قوله: ﴿وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ فإذا بلغت مضغة نكست في الخلق الرابع فكانت نسمة، وإن كانت غير مخلقة قذفتها الرحم دمًا وان كانت مخلقة تكست دمًا نسمة (١).
وعن أبي سعيد الخدري قال: بلغ رسول الله - ﷺ - (٢) أن اليهود يقولون أن العزل هو الموؤودة الصغرى، فقال: "كذبت يهود" وقال: "لو أقضيت لم يكن إلا بقدر" وقال: "لا يكون موؤودة حتى تمر بالتارات السبع" ثم تلا: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢)﴾ [المؤمنون: ١٢] (٣) الآية (٤) وقدروا واو الاستئناف ﴿طِفْلًا﴾ أي أطفالًا (٥) ﴿ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ﴾ اللام لمضمر أي ثم يحاسبكم ﴿لِتَبْلُغُوا﴾ أي ثم يبقيكم لتبلغوا ﴿أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾ حالة الخوف (٦) ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ﴾ الواو لعطف الجملة وهي تدل على جواز البعث ﴿هَامِدَةً﴾ جامدة خامدة ﴿بَهِيجٍ﴾ اسم من البهجة وهي الطراوة والنضارة (٧).
﴿ثَانِيَ عِطْفِهِ﴾ أي ثانيًا عطفه، و (الثني) بالفتح: العطف، و (عطفا

(١) قريبًا منه جاءت روايات عند البخاري (٣١٨)، ومسلم (٢٦٤٦) عن ابن مسعود.
(٢) (- ﷺ -) ليست في "أ" "ي".
(٣) ذكره الطبراني في الكبير (٤٥٣٦) عن علي - رضي الله عنه -.
(٤) (الآية) ليست في "ب".
(٥) إنما وَحَّدَ "طفلًا" لأنه في الأصل مصدر كالرضا والعدل فيلزم الإفراد والتذكير - قاله المبرد- نقله عنه القرطبي في تفسيره (١٢/ ١٢)، والبحر (٦/ ٣٤٦).
(٦) قوله تعالى: ﴿أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾ الأظهر في معنى الآية ما قاله الطبري (١٦/ ٤٦٥): ومنكم من ينسأ في أجله فَيُعَمَّرُ حتى يهرم فيرد إلى أرذل عمره فيعود كهيئته في حال صباه لا يعقل من بعد عقله الأول شيئًا.
(٧) أصل الهمود الدروس والدثور دراسة الآثار من النبات والزرع، ومنه قول الأعشى ميمون بن قيس:
قالت قُتَيْلَةُ ما لجسمك شاحبًا وأرى ثيابك بالياتٍ هُمَّدَا
[اللسان (درس) ديوان الأعشى (ص ٢٢٧)].


الصفحة التالية
Icon