سَبِيلِ اللَّهِ} أي وهم يصدون أو: إن الذين يكفرون (١) ويصدون، وقيل: الواو مقحمة، وقيل: التقدير: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وفي عزمهم أن يصدوا (٢). ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ يدل على أن المقيم برباع مكة ليس بأولى من الحاج. عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي -عليه السلام- (٣) قال: "حرم مكة فحرام بيع رباعها وأكل ثمنها".
وفي رواية: "وحرام أجر بيوتها" (٤) ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ﴾ يعتقد ويصر ﴿بِظُلْمٍ﴾ أي إلحاد ظلم فالباء مقحمة، والظلم بدل من الإلحاد، وبيان له. وتخصيص المسجد الحرام كتخصيص الأشهر الحرام بقوله: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٦].
﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ﴾ عن ابن عباس قال: لما كان بعد الطوفان الذي أغرق الله قوم نوح ورفع البيت المعمور إلى السماء السادسة الذي كان بناه آدم -عليه السلام- (٥)، أمر إبراهيم -عليه السلام- (٦) أن يأتي موضع البيت فيبني على أساسه، فانطلق فلم ير له أثرًا أو أخفي له مكانه، فبعث الله تعالى سحابة على قدر البيت الحرام في العرض والطول فيها رأس يتكلم له لسان وعينان فقامت على ظهر (٧) البيت بحياله ثم قالت: يا

(١) في الأصل: (كفروا).
(٢) أي يجوز في هذه الواو عدة أوجه: إما أن تكون واو العطف فتكون معطوفة على ما قبلها ويجوز عطف المضارع على الماضي ومنه قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٢٨] ويجوز أن يكون المضارع ﴿يَصُدُّونَ﴾ مؤول بالماضي. والوجه الثاني: أن الواو هي واو الحال وهي حال من فاعل كفروا، ذكر ذلك أبو البقاء العكبري، والوجه الثالث: أن الواو مؤيدة في خبر إنَّ. والتقدير: إن الذين كفروا يصدون وهذا مذهب الكوفيين ورده ابن عطية في تفسيره.
[الإملاء (٢/ ١٤٢)، المحرر (١١/ ١٩٠)، الدر المصون (٨/ ٢٥٥)].
(٣) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب": (- ﷺ -).
(٤) ابن أبي شيبة (١٤٦٧٩)، والدارقطني (٣/ ٥٧)، والحاكم (٢٣٢٧).
(٥) (السلام) ليست في "ي".
(٦) (أمر إبراهيم السلام) ليست في "أ".
(٧) (ظهر) ليست في "ي".


الصفحة التالية
Icon