والمراد ﴿الْمُنْكَرِ﴾ أمة (١) محمَّد -عليه السلام- وقد اختص بها الخلفاء الأربع وبنو عمه الأئمة المهديون.
﴿وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ﴾ فارغة مهملة التي بادر أهلها المستقون منها ﴿وَقَصْرٍ مَشِيدٍ﴾ حصن حصين، وهما معطوفان على القرية.
﴿فَتَكُونَ﴾ نصب لأنها جواب الاستفهام بالفاء، والمعنى: استفادة التجارب والعبر بالسياحة في الأرض ﴿وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ﴾ وهو الذي لا يغني عنه شيء.
﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ﴾ ذكر لنفي الاستعجال عمن شأنه الحلم والإمهال. وعن أبي مليكة قال: مررت أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان على ابن عباس فسلمنا عليه فقال لصاحبي: من أنت؟ فانتسب له فعرفه فقال: يا أبا العباس ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)﴾ [المعارج: ٤] أي يوم هذا؟ فقال: إنما سألتك لتخبرني قال: فهي أيام سماها الله تعالى في كتابه وهو أعلم بها أكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم. قال ابن أبي مليكة: فضرب الدهر من ضربه فجلست إلى سعيد بن المسيب سئل عن المسألة فلم يدر ما يقول، فقلت له: ألا أخبرك بما شهدته من ابن عباس؟ ثم ذكرته له فسري عنه، وقال: هذا ابن عباس قد اتقى أن يقول فيها وهو أعلم (٢) مني.
﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾ (٣) بالتكذيب أو التحريف أو (٤) التبديل.
﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾ مثل ما تتلو الشياطين على ملك سليمان.
﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ الملهمون الراسخون في العلم ﴿أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ الضمير عائد إلى نسخ ما ﴿أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾.

(١) أي المراد بقوله: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [الحج: ٤١] وهذه الأوصاف في أمة محمَّد عليه الصلاة والسلام.
(٢) ذكره عبد الرزاق في أماليه (١٦٣). وانظر: البغوي (٣٠٠)، والقرطبي (١٨/ ٢٤٤).
(٣) (معاجزين) ليست في "ي" "ب".
(٤) في "ب" "ي": (و).


الصفحة التالية
Icon