﴿بَرْزَخٌ﴾ حاجز لطيف بين الشيئين المجتمعين المتضايقين.
﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ﴾ لأن ليوم القيامة أحوالًا مختلفة وأهوالًا مؤتلفة، فإذا كانت النفخة الأولى لم يبق أحد إلا هلك (١) ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾، ولانقطاع الإنساب وجوه:
اْحدها: قوله: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤)﴾ إلى قوله: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)﴾ [عبس: ٣٤ - ٣٧].
والثاني: قوله: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة: ١٦٦].
والثالث: انتقال التعريف يومئذ إلى الأعمال والملك.
والرابع: كون كل واحد مبعوثًا من التراب مثل آدم -عليه السلام- (٢) غير متولد من أحد، وقد قال -عليه السلام-: "كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي" (٣).
﴿تَلْفَحُ﴾ تصيب أشد من النفخ، وعن أبي سعيد الخدري عنه -عليه السلام- قال: " ﴿وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ قال: تشويه النار فتقلّص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته" (٤) قال عبد الله: مثل الرأس النضيح (٥).
﴿سِخْرِيًّا﴾ أي شيئًا سخريًا.
وفائدة السؤال من قوله: ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ هو التنبيه على الحيرة {فَاسْأَلِ

(١) من قوله (فلا أنساب) إلى هنا سقط من "ب".
(٢) (السلام) ليست في "ي".
(٣) رواه الطبراني في الكبير (٢٦٣٤)، والبزار (٢٧٤)، والحاكم (٣/ ١٤٢)، وأبو نعيم (٢/ ٣٤)، والبيهقي (٧/ ٦٣).
(٤) الترمذي (٢٥٨٧، ٣١٧٦)، وأبو يعلى (١٣٦٧)، والحاكم (٢/ ٢٤٦، ٣٩٥)، وابن أبي الدنيا في "صفة النار" (١٠٩)، والحديث ضعيف.
(٥) عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٤٨)، وهناد في الزهد (٣٠٣، ٣٠٤)، وابن جرير (١٧/ ١١٦).


الصفحة التالية
Icon