إلى ﴿الظَّمْآنُ﴾ كأنه ابتلي بالسراب مرة وبالظلام أخرى، وقيل: مسند إلى مضمر، وقيل: فيه تقديم وتأخير تقديره: ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ ﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾.
عن عبد الله بن المسور قال: تلا رسول الله -عليه السلام- (١) ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ [الأنعام: ١٢٥] قالوا: يا رسول الله ما هذا الشرح؟ قال: "تقذف به القلوب" (٢) قالوا: يا رسول الله هل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال: "الأنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل الموت" (٣).
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ﴾ اتصالها من حيث اعتبار الله نور المحسموات، ﴿وَالطَّيْرُ﴾ معطوف على ﴿مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ رفع بالتسبيح ﴿صَافَّاتٍ﴾ نصب على الحال، وصف الطائر: إذا بسط جناحه وحلق ولم يقبضها، وتخصيص هذه الحالة لقرار الطائر عليها في مكان واحد من الجو أو لحسنه عليها في رأي العين، وقيل: المراد بها الاصطفاف والانتظام في خط كالكركي ونحوها، والهاء في ﴿صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ عائد إلى الله تعالى، وقيل: إلى ﴿كُلٌّ﴾.
﴿ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ أي بين أجزائه فيجعله ﴿رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ﴾ المطر ﴿مِنْ بَرَدٍ﴾ هو القطر الجامد، قيل: ينزل من السماء بردًا من جبال في السماء الدنيا من جبال من برد وجبل باقٍ إلى يوم القيامة، وقال ابن عمر: جبال السماء أكثر من جبال الأرض.
(٢) من قوله: (قالوا يا رسول) إلى هنا ليست في "أ".
(٣) الحديث أخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ٥٤١) من حديث أبي جعفر عبد الله بن المسور قال: لما نزلت هذه الآية ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ [الأنعام: ١٢٥] قالوا: كيف يشرح الصدر؟ قال: إذا نزل النور في القلب انشرح له الصدر وانفسح. قالوا: فهل لذلك آية يعرف بها؟ قال: نعم، الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت.