العرب (١)؛ لأن الله تعالى سلط النمل على كثير من الأمم فجلاهم عن ديارهم، وإنما خاطبت خطابًا لتكليفها إياهنّ تكليف العقلاء، ﴿مَسَاكِنَكُمْ﴾ قراهن وجحرهن ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾ لا يكسرنكم ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ تمهيد لعذر سليمان وجنوده أو تحقيق للإنذار كي لا يقول واحد لا تظلمنا، وهو تبرؤ وتقبيح لتركهن الحذر؛ فإن من تعرض لسهم عزب كان أجهل وأشد لومًا ممن تعرض لمتعهد (٢) القتال.
وعن الشعبي أن النملة التي فقه سليمان -عليه السلام- (٣) كلامها كانت ذات جناحين (٤).
﴿فَتَبَسَّمَ﴾ أظهر الضواحك من الأسنان فرحًا للشكر على تفهيم الله إياه كلام النملة، أو على إلهام الله النملة عذر سليمان، أو لتعجيبه على قضية الطبيعة ﴿أَوْزِعْنِي﴾ ألهمني واجعلني مولعًا بشكرك (٥) وبالعمل الصالح، وفي الحديث: "كان موزعًا بالسواك" (٦) أي مولعًا به.
﴿وَتَفَقَّدَ﴾ طلب المفقود بجواز أن يكون مترتبًا على مقدار؛ أي صرفت (٧) عن رؤيته ﴿أَمْ (٨) كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ وقيل: أم بمعنى الاستفهام، وقيل: بمعنى بل، وفي الآية دليل على وجوب التفقد والتيقظ على الإمام والرئيس. و ﴿الْهُدْهُدَ﴾ جنس من الطير ملون في حجم الفاختة، له عرف

(١) قيل إنه بالطائف - قاله كعب -، وقيل إنه بالشام - قاله قتادة - ذكره عنهما ابن الجوزي في تفسيره [زاد المسير (٣/ ٣٥٦)].
(٢) في "أ": (لمتعمد).
(٣) في "ي": (السلم).
(٤) ابن أبي حاتم (٩/ ٢٨٥٧).
(٥) في "أ" "ب": (يشكرك).
(٦) هذا الحديث ورد في كتب الغريب واللغة كالنهاية (٥/ ٣٩٣)، والفائق (٤/ ٥٧)، وكتاب العين (٢/ ٢٠٧)، ولسان العرب (٨/ ٣٩٠).
(٧) في الأصل و"أ": (صرف).
(٨) بدل (أم) في "أ": (أي).


الصفحة التالية
Icon