﴿إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ أقام الخروج مقام المشاهدات لاعتبار كونه مشاهدًا يومئذ، ولاعتبار ما دخل في حيز المشاهدات أو من رجعة الطيور وعاميل وقوم حزقيل ومن أحياه عيسى بإذن الله.
﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ أي هين عليه. قال الشاعر:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت... فتلك سبيل لست فيها بأوحد (١)
والضمير عائد إلى البداءة أو الإعادة جميعًا، وقيل: إلى الإعادة ﴿أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ أي أيسر عليه من البداءة (٢) في خواطركم وأوهامكم، وإن كلا الأمرين عنده واحد، وقيل: الضمير عائد إلى الخلق الذي هو المخلوق، وأهون من الهوان، أي المخلوق أهون على الله من أن يعتدم في صفاته العلى ونتعرف به إلى من قدر له الهدى (٣).
﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا﴾ في مجادلة العرب، وهم يقولون: العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الملامة (٤)، وفي مجادلة سائر الأقوياء ﴿فَأَنْتُمْ﴾ أي أنتم عبيدكم ﴿سَوَاءٌ﴾ أي بالتملك والتصرف دون الاستمتاع {تَخَافُونَهُمْ
(٢) وهذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد وعكرمة وقتادة، أخرجه عنهم الطبري في تفسيره (١٨/ ٤٨٦).
(٣) في الأصل: (له الهدى كخيفتكم أنفسكم).
(٤) هذا مثل وفيه قصة ظريفة ذكرها ابن عساكر في تاريخ دمشق (٦٥/ ١٨٧) في أبيات ليزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري يقولها في غلام له باعه وندم على بيعه واسمه برد، قال:
وشريت بردًا ليتني... من بعد برد كنت هامه
العبد يقرع بالعصا... والحر تكفيه الملامه
وانظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٥٢٣)، وطبقات فحول الشعراء (٢/ ٦٨٩)، وجمهرة الأمثال (١/ ٢٦٣)، وخزانة الأدب (٢/ ١٦٠).