وذكر الكلبي أن السبب في نزولهن دعوى المشركين التناقض بين قوله: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩] وقوله: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥] فبينت هذه الآية أن الحكمة خير كثير في جنب علم العالمين وهي قليل في جنب كلمات الله.
﴿إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ قال الفراء: التشبيه واقع بمضاف مضمر تقديره: كخلق نفس واحدة وبعثها (١)، ووجه الاتصال من حيث ذكر الكلمات التي هي علم الله.
﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ وهو وقت استقراره الطوالع.
﴿خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ قال ابن عرفة: الختر الفساد يكون ذلك في الغدر وغيره، يقال: ختره الشراب إذا فسد نفسه، قال الأزهري: الختر أقبح الغدر (٢)، قال أحمد بن فارس: الختر الغَدْر والتختر مشية الكسلان (٣).
﴿الْغَرُورُ﴾ الشيطان.
﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ قال مقاتل: أتى وارث بن عمرو إلى رسول الله - ﷺ - فسأله عن هذه المسائل فأنزل (٤)، واتصال الآية من حيث قوله: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أو من حيث قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ﴾.

(١) لم نجده في معاني الفراء لكن ذكره أبو جعفر النحاس في إعرابه وقال: هكذا قَدَّرَهُ النحويون: إلا كخلق نفس واحدة، مثل: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢].
[إعراب القرآن (٤/ ٦٠٧)].
(٢) ذكره الأزهري في تهذيب اللغة (٧/ ٢٩٤ - ختر).
(٣) ذكره ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (٢/ ٢٤٤ - ختر).
(٤) سبب النزول هذا من مراسيل عكرمة ومقاتل فقد ذكره السيوطي في الدر المنثور (١١/ ٦٦٢)، ونسبه لابن المنذر: أن رجلًا يقال له الوارث من بني مازن ابن خصفة بن قيس عيلان، جاء إلى النبي - ﷺ - فقال: يا محمَّد، متى قيام الساعة؟ وقد أجدبت بلادنا فمتى تخصب؟ وقد تركت امرأتي حبلى فمتى تلد؟... الحديث. فنزلت هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon