﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ﴾ اللام عائدة إلى قوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا﴾ إلى قوله: ﴿وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾ [الأحزاب: ٩ - ١٥] الأول أظهر لأن الآية تليها ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ عائدة إلى أول القصة على سبيل رد عجز الكلام على صدره.
﴿وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ﴾ نزلت في غزوة بني قريظة، والسبب في ذلك أن النبي -عليه السلام- لما علم بقدوم الأحزاب أرسل إليهم سعد بن معاذ الأنصاري وخوات بن جبير يستنصرهم على الأحزاب، على قضية الصلح الذي كان بينهم وبين المسلمين، فأبوا أن ينصروه ونقضوا العهد وشتموا الرسول والمرسل وأظهروا حقدهم وتعصبهم لبني النضير الذين كان رسول الله (١) أجلاهم إلى الشام قبل ذلك بسنتين، فلما نزل المشركون بساحتهم استنصرهم حيي بن أخطب وكان من بني النضير، وامتنعوا (٢) منه بعض الامتناع ثم أجابوه وضمنوا إعانته على شريطة أن يدخل معهم الحصن إن كانت الدبرة عليهم، ثم تخلفت اليهود عن المشركين لمكان السبت، وغضب أبو سفيان بن حرب فلم ينتظرهم فهزم الله الأحزاب بما ذكرنا ودخل حيي بن أخطب الحصن مع بني قريظة.
ورجع رسول الله إلى المدينة فجعل يغسل رأسه مما لقي يوم الخندق، فقالت عائشة: يا رسول الله إني لأرى دحية الكلبي (٣) عند

= ورواه أبو يعلى (٤٨٩٨)، وأبو نعيم (١/ ٨٨) وفي سنده صالح بن موسى متروك. وقد ثبت من غير حديث عائشة كحديث معاوية وطلحة وله شواهد كثيرة.
الثاني قوله: "أوجب طلحة" فرواه الترمذي (١٦٩٢)، وأحمد (١/ ١٦٥) وهو حديث حسن عن عبد الله بن الزبير.
(١) في "ب": (رسول الله - ﷺ -).
(٢) في "ب" "ي": (فامتنعوا).
(٣) هو دحية بن خليفة بن فروة الكلبي كان من كبار الصحابة شهد أحدًا وما بعدها من المشاهد وبقي إلى خلافة معاوية، وهو الذي بعثه النبي - ﷺ - إلى قيصر رسولًا في الهدنة وذلك في سنة ستة من الهجرة، فآمن به قيصر وأبت بطارقته أن تؤمن، فأخبر بذلك دحية رسول الله - ﷺ - فقال: "ثبت الله ملكه" في حديث طويل، وهو - أي دحية - =


الصفحة التالية
Icon