﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ﴾ الآية في مثل قوله: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤]، وقيل: قوله: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى﴾ [هود: ١١٧] وفيها دلالة أن الجماعة وإن عظمت لم ينطبق عليها اسم الأمة حقيقة ما لم يقروا برسول الله، فإذا جاء رسولهم بينت (١) أحكامهم وشرائعهم وميز بين الخبيث والطيب والهالك والناجي، وقيل: فإذا جاء رسولهم يوم القيامة شهيدًا عليهم (٢) وحوسبوا على أعمالهم ووفوا ثوابها وعقابها، ﴿بِالْقِسْطِ﴾ ذكر للتنبيه على قيام الحجة ووجوب الجزاء.
﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾ سؤال على وجه الاستعجال بالبوار. ﴿الْوَعْدُ﴾ الوعيد.
﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ﴾ لا أقدر على خير نفسي ونفعها فكيف أقدر على تعجيل الوعد الموعود، ثم بين وجه تأخر العذاب بوجوب الهلاك معلق بإتيان الرسل، وإتيانه معلق بتتمة الأجل.
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ﴾ وزانها قولك لغريم: أرأيت (٣) أن أزنك هذه الدنانير إيش تطالبه، أي: ليس لك عندي سوى هذه الدنانير شيء، فكذلك ليس للكفار عند الله إلا البوار وإدخال النار ﴿ثُمَّ﴾ معناه نقول أو قيل أو يقال للمجرمين إذا آمنوا عند معاينة البأس. ﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ﴾، ﴿ثُمَّ قِيلَ﴾ بعد ذلك ﴿لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾.
﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ﴾ على وجه الاستهزاء، ﴿أَحَقٌّ هُوَ﴾ أكائن هذا الوعيد، ﴿إى﴾ نعم (٤)، ﴿وَرَبِّي﴾ قسم وجوابه، ﴿إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ وقيل: القسم متصل بقوله: ﴿إِى﴾ ويكون قوله: ﴿إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ كلامًا مبتدأ.

(١) في "أ": (ثبتت).
(٢) (عليهم) من "ب" "ي".
(٣) في "أ ": (أرأيتك).
(٤) هي حرف جواب بمعنى نعم ولكنها تختص بالقسم؛ قاله الزمخشري، وقال أيضًا: سمعتهم يقولون في التصديق -إيْوَ-.
[الكشاف (٢/ ٢٤١)].


الصفحة التالية
Icon