﴿لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً﴾ كون المسلم فتنة للكافرين (١) أن تسوء عاقبته العاجلة ويشمت الكافر به ويقيس عليه عاقبته الآجلة، وأن يرتد المسلم فيزيد الكافر إصرارًا.
﴿تَبَوَّءَا﴾ تتخذ المنازل وأصله البواء وهو اللزوم (٢). ﴿بُيُوتًا﴾ مساجد، الكلبي وغيره (٣): كانت مساجد بني إسرائيل ظاهرة فأمر فرعون بهدمها عند منابذة (٤) موسى -عليه السلام- إياه، فأمر الله اتخاذ المساجد في بيوتهم وأن يجعلوها مستقبلة للكعبة قبلة إبراهيم وإسماعيل (٥)، ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ مستقبلة القبلة (٦)، وقيل: اجعلوها قبلة لكم يصلون إليها، وقيل: اجعلوا بعضها مقابل بعض (٧)، وقيل: المراد به المصلى.
وقيل: المسجد وإنما لم يؤمروا بالزكاة لأن أكثرهم كانوا مماليك لآل فرعون أو كانوا فقراء.
﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ﴾ لما دعا انقلبت أعيان أموالهم حتى صار

(١) في "ب" (للكافر).
(٢) يقال: تَبَوَّأَ فلانٌ منزلًا: إذا نزله، وَبَوَّأتُهُ: أنزلته، واستشهد الزجاج بقول الشاعر، وينسب لإبراهيم بن هرمة:
وَبُوِّئتْ في صَمِيْمِ مَعْشرِهَا فَتَمَّ في قوْمِهَا مُبَوَّؤُهَا
[مجاز القرآن (١/ ٢١٨)، اللسان (بوأ)].
(٣) روي ذلك أيضًا عن مجاهد والضحاك أخرجه الطبري في تفسيره (١٢/ ٨٧).
(٤) في الأصل و"أ": (مثابرة).
(٥) هذا ورد عن ابن عباس كما عند ابن جرير (١٢/ ٢٥١)، وابن أبي حاتم (٦/ ١٩٧٦). وأما اتخاذ الكعبة قبلة فهو مروي عن أبي سنان كما عند أبي الشيخ، انظر: "الدر المنثور" (٧/ ٦٩٥)
(٦) روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد وقتادة والضحاك. أخرجه الطبري في تفسيره
(٧) روي ذلك عن سعيد بن جبير أخرجه الطبري في تفسيره وذكر ابن الجوزي في تفسيره
أنه مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[الطبري (١٢/ ٢٦٠)، زاد المسير (٢/ ٣٤٥)].


الصفحة التالية
Icon