ذلك، فقال له حزقيا: أنت الذي أمرت بذلك فأبعث، فقال له: إن الله تعالى أوحى أن آمرك بأن تبعث فابعث، فقال له حزقيا: فيمن تشير علي، قال: ابعث يونس بن متى فإنه قوي أمين.
قال: فأرسل حزقيا الملك إلى يونس فأتاه، فقال له: إن شعيا النبي -عليه السلام- (١) أتاني فقال: إن الله أوحى إليّ أن ائت حزقيا فَمُرْه يبعث نبيًا إلى بني إسرائيل فإنه قد ذهبت أيام عقوبتهم ونزلت أيام عافيتهم وإني ملقٍ في قلوب ملوكهم وأشرافهم أن يرسلوهم معه فأنت نبي قوي أمين، فانطلق إلى بني إسرائيل [فقالوا له] آلله أمرك (٢) بهذا؟ قال: لا، قال: فسماني لك، قال: لا، ولكن أمرت أن أبعث نبيًا قويًا أمينًا فأنت نبي قوي أمين، قال: إن في بني إسرائيل قويًا أمينًا غيري فابعث غيري، فقال حزقيا: بحق الملك إلا ذهبت، فلما عزم الملك على يونس انطلق فلم يجد بدًا ورجع يونس ليتزود وخرج مغاضبًا لحزقيا حتى أتى بحر الروم فوجد قومًا قد شحنوا سفينتهم فقال لهم: احملوني معكم، فعرفوه فحملوه، فلما كانوا في البحر اضطربت السفينة وكادت تغرق فقال ملاّحوها: يا هؤلاء إن فيكم رجلًا عاصيًا لأن السفينة لا تفعل هذا من غير الريح إلا وفيها رجل عاصٍ، فقال البحار: إنا قد جربنا مثل هذا وكنا نقترع بالسهام فمن خرج سهمه ألقيناه في البحر فإنه لأن يغرق واحد خير من أن يغرق جميع أهل السفينة، قال: فاقترعوا بسهامهم فخرج سهم يونس -عليه السلام- فقال البحار: نحن أولى بالمعصية من نبي الله، ثم اقترعوا الثانية فخرج سهمه -عليه السلام- (٣) فقال: يا هؤلاء أنا والله العاصي، فقال: فتلفف في كسائه ثم قام على رأس السفينة، قال: وإن السمكة التي أمرت به أن تجعله في جوفها لتساير السفينة من حيث ركب، فرمى يونس بنفسه فابتلعته السمكة فصار في بطنها وهو يقول: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ فذلك

(١) (السلام) ليست في "ي".
(٢) ما بين القوسين ليس في أي نسخة من نسخ المخطوط وأثبتناه ليستقيم السياق.
(٣) (السلام) ليست في "ي".


الصفحة التالية
Icon