يتلوه يقرأ القرآن ﴿شَاهِدٌ مِنْهُ﴾ مِن ربه وهو جبريل -عليه السلام- (١)، ويحتمل أن الشاهد هو نفسه، أو رجل من عشيرته، أو رجل من أمته، ألا ترى أن جعفرًا كان مبلغًا عنه بالحبشة، وأن عليًا كان مبلغًا عنه في الحج الأكبر، وابن عباس كان مبلغًا عنه في تفسير كتاب الله تعالى (٢). ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ﴾ عام في الملل كلها.
﴿أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ﴾ عن قتادة عن صفوان بن محمد المازني قال: بينما (٣) أطوف مع ابن عمر بالبيت إذ عارضه فقال: يا ابن عمر كيف سمعت رسول الله يذكر في النجوى؟ قال: "يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه فيقول: هل تعرف؟ فيقول له: أعرف رب أعرف حتى يبلغ فيقول: إني قد سترتها عليك في الدنيا وإني لأغفرها لك (٤) اليوم، قال: ثم يعطيه صحيفة حسناته بيمينه، وأما الكافر فينادى به على رؤوس الأشهاد (٥) ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ﴾ الآية.
﴿يُضَاعَفُ لَهُمُ﴾ أي عليهم ﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ﴾ أي لشدة عداوتهم بعد اختيارهم العداوة أول مرة فتيسرت عليهم العسرى [قال الزجاج: لا ردّ لظنهم (٦) وقولهم الباطل.
﴿جَرَمَ﴾ أي كسب لهم فعلهم الخسران، وقال الفراء: لا جرم كله
(٢) أظهر الأقوال فى "شاهد" هو جبريل -عليه السلام- فهو شاهد من الله تلا التوراة والإنجيل والقرآن، وروي ذلك عن ابن عباس- رضي الله عنهما -ومجاهد والضحاك وإبراهيم وغيرهم. رواه عنهم الطبري في تفسيره (١٢/ ٣٥٧)، وابن أبي حاتم (٢٠١٤).
(٣) في "ي": (بينما أنا أطوف).
(٤) في الأصل و"ب": (لأغفرها إلى).
(٥) البخاري (٤٦٨٥)، ومسلم (٢٧٦٨).
(٦) معاني القرآن للزجاج (٣/ ٤٥).