أراد الثاني فهما ظاهران (١)، وقيل: الواو في قوله: ﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾ مقحمة كما في قوله: ﴿جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ [الزمر: ٧٣].
﴿قَالُوا سَلَامًا﴾ نصب بوقوع القول عليه (٢)، كما تقول: لمن قال لا إله إلَّا الله: قلت صوابًا أو حقًا وصدقًا، ﴿قَالَ سَلَامٌ﴾ رفع على الحكاية تقديره سلام عليكم (٣) ﴿أَنْ جَاءَ﴾ نصب بنزع الخافض تقديره: ﴿فَمَا لَبِثَ﴾ عن مجيئه وقيل: رفع (٤) تقديره: فما لبث مجيئه أي ما أبطأ، ﴿حَنِيذٍ﴾ مشوي في الحفائر بالرضف، وقيل: منضج.
﴿فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ﴾ أي راَهم ممسكين عن الطعام ﴿نَكِرَهُمْ﴾
استنكرهم وأنكرهم، وقيل: ظن أنهم لصوص لا يتحرمون بطعامه لئلا يدخله في نعتهم، و (الإيجاس) شيء من الإحساس، وما خاف حقيقة ولكنه مكر مكروه لعل الله يوصله إليه من جهتهم.
﴿فَضَحِكَتْ﴾ (٥) بالسرور من جهتهم حيث ﴿قَالُوا لَا تَخَفْ﴾ وقيل:

(١) الأظهر في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾ [هُود: ٦٦] متعلق بمحذوف التقدير: ونجيناهم من خزي يومئذ وهي معطوفة على "نجينا" الأولى مع أن هذا لا يجوز عند البصريين غير الأخفش؛ "لأن زيادة الواو غير ثابتة.
[الكشاف (٢/ ٢٧٩)، الدر المصون (٦/ ٣٤٩)].
(٢) في نصب "سلامًا" وجهان: الأول: أنه مفعول به، والثاني: أنه منصوب على المصدر بفعل محذوف وذلك الفعل في محل نصب بالقول والتقدير: قالوا: سَلَّمنَا سلامًا وهو من باب ما ناب فيه المصدر عن العامل فيه، وهو واجب الإضمار.
(٣) على هذا الوجه يكون "سلامٌ" مبتدأ وخبره محذوف كما قدره المؤلف ويجوز أن يكون خبرًا لمبتدآ محذوف التقدير: قولي أو أمري سلام.
[البحر (٥/ ٢٤١)].
(٤) أي رفع على أنه فاعل.
(٥) في معنى "ضحكت" ثلاثة أقوال:
الأول: أن الضحك هنا بمعنى التعجب روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
الثاني: أنها بمعنى حاضت قاله مجاهد وعكرمة ورده ابن الأنباري والفراء وأبو عبيدة وأبو عبيد وابن دريد وغيرهم، وقالوا: إنه لم يسمع من ثقة أن ضحكت بمعنى حاضت.=


الصفحة التالية
Icon