﴿وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ ليس بعطفه على قوله ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ لكونه موقوفًا عليه، ولكن العطف للتنبيه على كمال القدرة والحث على العبرة، يدل عليه قوله: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)﴾ [الرحمن: ٢٦، ٢٧].
﴿وَمَا ذَلِكَ﴾ إشارة إلى الشرط الذي هو المشيئة لم يكن ذلك ﴿عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾ يكون شأنها سبيل الاختصار دون الاضطرار، ويحتمل أنه إشارة إلى الإذهاب أو الإتيان بخلق جديد أو إلى الإذهاب والإتيان جميعًا نسخ الشيء بالشيء فعل واحد.
﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ هم العلماء وهم الموصوفون بالبصيرة والنور والحياة، المشبهون بالظل وهم المعتبرون بمخالفة الألوان ومجانسة الأعيان، وقوله: ﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ على سبيل المبالغة، وإن كان المدعو قريبًا للنفس المثقلة الداعية إلى تحمُّل شيء من أوزارها.
﴿الْحَرُورُ﴾ بالليل كالسموم بالنهار.
﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ له معنيان:
أحدهما: وصف الجهّال المثقلين على وجه الأرض شبهوا بأصحاب القبور، كما شبهوا بالأموات لتأكيد وصفهم بأنهم في سباتهم كالأموات لا يكسبون حسنة ولا يدفعون سيئة.
والثاني: أنه في أصحاب القبور حقيقة، وذلك للتنبيه على استحالة مطالبة المشركين رسول الله بأن يأتي بالموتى شهداء يشهدون له فيهم قصي بن كلاب وكان شيخًا صدوقًا على ما سبق.
﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ فيه دليل على أنه عمّ العباد بالإنذار بالمعاد وإن كانوا في الأقطار والأبعاد ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الأنفال: ٤٢].


الصفحة التالية
Icon