عظيمًا فيأخذهم من ذلك الكرب ما الله به عليم، ثم ينظرون إلى السماء فإذا هي كالمهل، ثم انشقت وانخسفت شمسها وقمرها واندثرت نجومها ثم كشطت السماء عنهم. ثم قال رسول الله (١): "فالموتى لا يعلمون بشيء من ذلك وإنما يصل الفزع إلى (٢) الأحياء". قال: قلت: يا رسول الله فمَن استثناه الله حيث يقول: ﴿فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [النمل: ٨٧]؟ قال: "أولئك الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ووقاهم (٣) الله شر ذلك اليوم ويؤمنهم منه، وهو عذاب يلقيه الله شرار خلقه، وهو الذي يقول تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا﴾ إلى قوله: ﴿عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢)﴾ [الحج: ١، ٢] فيمكثون في ذلك ما شاء الله له أن يطول.
ثم يأمر الله إسرافيل بنفخة الصعقة فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله فإذا هم خمود، فيجيء ملك الموت إلى الجبار -عَزَّوَجَلَّ- فيقول: قد مات أهل السماء وأهل الأرض، فيقول الله وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل، وإنما قال: وليمت جبريل وميكائيل وإسرافيل فيتكلم العرش فيقول: أي رب أتموت جبريل وميكائيل وإسرافيل؟ فيقول له: اُسكت فإني كتبت على من تحت عرشي الموت، فيموتون.
ويأتي ملك الموت إلى الجبار -عَزَّوَجَلَّ- فيقول: أي رب مات جبريل وميكائيل وإسرافيل، فيقول الله وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: أي رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وحملة عرشك وبقيت أنا، فيقول: وليمت حملة عرشي، فيموتون.

(١) في "ب": (رسول الله - ﷺ -).
(٢) (إلى) ليست في "ب".
(٣) (ووقاهم) من "ب"، وفي البقية: (ولقنهم).


الصفحة التالية
Icon