ثم يقول لإسرافيل: انفخ نفخة البعث، فينفخ فتخرج الأرواح كأمثال النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض، فيقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده، فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد، تدخل في الخياشيم فتمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنكم وأنا أول من تنشق الأرض عنه، فيخرجون منها شبابًا كلكم أبناء ثلاث وثلاثين سنة، واللسان يومئذ بالسريانية، سراعًا ﴿إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ﴾ ﴿مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)﴾ [القمر: ٨] ﴿ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ [ق: ٤٢] ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٧].
فيوقفون في موقف حفاة عراة غلفًا غرلًا مقدار سبعين سنة لا ينظر الله إليكم ولا يقضي بينكم، فتبكي الخلائق حتى تنقطع الدموع، ثم تدمع دماء، ويعرقون حتى يبلغ منهم الأذقان أو يلجمهم، فيضجون فيقولون: مَن يشفع لنا إلى ربنا ليقضي بيننا؟ فيقولون: مَن أحق بذلك من أبيكم آدم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلًا.
فيؤتى آدم يطلب ذلك إليه فيأبى، ثم يستنفرون الأنبياء نبيًا نبيًا، كلما جاؤوا نبيًا أبى".
فقال رسول الله (١): "حتى يأتوني فإذا جاؤوني انطلقت حتى آتي الفحص فاخرّ قدام العرش لربي ساجدًا حتى يبعث الله إلى ملكًا فليأخذ (٢) بعضدي فيرفعني"، فقال أبو هريرة (٣): فقلت: يا رسول الله وما الفحص؟ قال: "قدّام العرش، فإذا رفعني الملك قال: ما شأنك يا محمَّد وهو أعلم، فأقول: يا رب وعدتني الشفاعة فشفِّعني في خلقك فاقضِ بينهم، فيقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: قد شفعتك، أنا آتيكم وأقضي بينكم".
قال رسول الله (١): "فأرجع وأقف مع الناس، فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حسًّا شديدًا من السماء فهالنا، ونزل أهل السماء الدنيا بمثلي من فيها

(١) في "ب": (رسول الله - ﷺ -).
(٢) المثبت من "ب" وفي البقية "فيأخذ".
(٣) في "ب": (أبا).


الصفحة التالية
Icon