﴿أَمْ نَجْعَلُ﴾ بمعنى ألف الاستفهام. وذكر الكلبي قوله: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ نزلت في حمزة وعلي وسفيان وبني عبد المطلب وعتبة وشيبة والوليد (١)، فإن كان كذلك فالآية مدنية.
الحكم العامل في (إذ) مضمر (٢)، وقيل: قوله: ﴿أَوَّابٌ﴾، ﴿الصَّافِنَاتُ﴾ القائمات على ثلاث قوائم، والصافن من الرجال الذي يصف قدميه، و ﴿الْجِيَادُ﴾ الخيل العتاق.
﴿حُبَّ الْخَيْرِ﴾ المال. ووجه التعدية بـ"عن" إضمار المثل تقديره: ملت إلى حب الخير عن ذكر ربي.
وذكر أبو عبيد الهروي وغيره أن المراد بالمحبة الإيثار، وأن (عن) بمعنى على، والقصة في ذلك أن قبائل من قبائل العرب النازلين بحدود دمشق ونصيبين تحزّبوا على سليمان ليقاتلوه فأظفره الله تعالى (٣) عليهم فأخذ ألف رأس من خيلهم، فلما راح من المعركة إلى منزله عرض الخيول وكان (٤) الله قد آتاه من الهيبة ما لا يبدأ الكلام، ولا يذكر شيء حتى يكون هو الذي يبدأ ويذكره، فابتلاه الله يوم عرض الخيل بنسيان العصر ﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ فغضب على نفسه وعاقبها بأن فوّت عليها ما أعجبها.
﴿مَسْحًا﴾ قطعًا. قيل: إنه عقر يومئذ تسعمائة فرس وترك مائة، مما بأيدي الناس من الخيل العراب فمن نسل تلك المائة.

(١) روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية قال: الذين آمنوا علي وحمزة وعبيدة بن الحارث، والمفسدون في الأرض عتبة وشيبة والوليد وهم الذين تبارزوا يوم بدر.
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٨/ ٢٦١).
(٢) أي في قوله تعالى: ﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (٣١)﴾ فذكر المؤلف
أن العامل فيها هو مضمر ويمكن أن يقدر هذا المضمر بـ"أُذكر"، وهو اختيار السمين الحلبي، وقيل: العامل فيها "أواب" وفيه تقييد وصفه بذلك بهذا الوقت.
[الدر المصون (٩/ ٣٧٤)].
(٣) (تعالى) ليست في "أ".
(٤) في الأصل و"ب": (فكان).


الصفحة التالية
Icon