﴿لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ بالموت كقولهم: ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧)﴾ [الحاقة: ٢٧]، و (مالك) اسم خازن النيران وهو رئيس الزبانية.
وعن عبد الله بن عمر قال: نادى أهل النار ﴿يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ قال: فخلّى عنهم أربعين عامًا ثم أجابهم ﴿إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ فقالوا: ربنا أخرجنا منها، فخلّى عنهم مثلي الدنيا ثم أجابهم ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨] فأطبقت عليهم ثانية، فما نَبَس القوم بعد هذه الكلمة إن كان إلا الزفير والشهيق (١).
﴿أَمْ﴾ بمعنى ألف الاستفهام ﴿أَبْرَمُوا﴾ أحكموا، أُنزلت الآية في شأن الذين تشاوروا في كيد رسول الله (٢) في دار الندوة (٣) أو في أمثالهم، وهو استفهام بمعنى الإنكار يدل عليه قوله: ﴿فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾ أي لم يبرموا أمرًا ﴿فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾.
﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ﴾ قال الكلبي: إن النضر بن الحارث بن علقة بن كلدة بن عبد الدار بن قصي لعنه الله تعالى كان يهزأ بالقرآن وأنكر عليه عثمان بن مظعون وقال: اتقِ الله فإن محمدًا ما يقول إلا حقًا.
قال النضر بن الحارث: وأنا والله ما أقول إلا حقًا، فإني أقول لا إله إلا الله كما يقول محمَّد لا إله إلا الله ولكنني أقول أنهنَّ (٤) من بنات الله؛ أي الأصنام فأنزل، فلما سمعها النضر بن الحارث فهم منها ما أعجبه وقال: إن محمدًا قد صدّقني، فقال الوليد بن المغيرة: ما صدقك ولكنه كذبك، فإنه يقول ما كان للرحمن ولد لا يعني من أن يكون له ولد، فغضب النضر بن الحارث عند ذلك وقال: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا﴾ [الأنفال: ٣٢] الآية، فأنزل الله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ

(١) أخرجه الطبري في تفسيره عن ابن عمر (٢٠/ ٦٥٠)، والبيهقي في البعث والنشور (٦٤٩)، وابن أبي شيبة (١٣/ ١٥٢)، وابن أبى الدنيا في صفة النار (١٦٨).
(٢) "ب": (رسول الله - ﷺ -).
(٣) أشار إلى ذلك ابن الجوزي في تفسيره (٤/ ٨٤) والقرطبي في تفسيره (١٦/ ١١٨).
(٤) في الأصل و"ب": (أن) وهو خطأ.


الصفحة التالية
Icon