السماء يصعد فيه عمله وينزل رزقه، فإذا مات المؤمن بكت عليه معاديه من الأرض التي يذكر الله فيها ويصلِّي، وبكا بابه الذي يصعد منه، وأما قوم فرعون فلم تكن لهم في الأرض آثار صالحة ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير، فلم تبكِ عليهم السماء والأرض (١).
وإنما كان فرعون بدلًا من ﴿الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ لكون المراد ذا العذاب المهين، ولكون فرعون نفسه عذابًا من الله علي بني إسرائيل.
﴿قَوْمُ تُبَّعٍ﴾ التتابعة ثلاث من حمير:
أولهم: تبع بن الأقرن بن شمر وهو الذي سار على جبل طيئ ثم على الأنبار فأتى أذربيجان وقاتل الترك فهزمهم وسبا منهم، ثم إنه غزا الصين بعد ذلك فترك طائفة من قومه بأرض تبّت.
والثاني: تبع بن كليلرب كان يعرف بالنجوم ويسير بها ويمضي أموره بدلالتها، فطالت مدته واشتدت وطأته فحملته حمير فقتلته وملكوا ابنه حسانًا على أنفسهم، وقيل: إن هذا التبع الثاني كان مؤمنًا بنبيّنا -عليه السلام- (٢)، ثم إن حسان بن تبع سار إلى اليمامة لينصر طسمًا على جديس وهو ظالم فأهلكهم أجمعين، ووثب عليه قومه بعد ذلك فقتلوه برضا أخيه.
والثالث: تبع بن حسان وهو الذي سلط جد امرئ القيس علي بني معد بن عدنان وقتل من اليهود جماعة بيثرب، ثم تهوّد وكسا الكعبة الأنطاع، وبقي الملك في أهل بيته إلى أن ملك ذا نواس وهو صاحب الأخدود فيما زعموا فاغتالوه فأدمغوه بشدة.
...

(١) ابن جرير (٢١/ ٤٥، ٤٥)، والبيهقي في الشعب (٣٢٨٨).
(٢) (السلام) ليست في "ي".


الصفحة التالية
Icon