﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ﴾ نصيب معدّ دون الواجب لأن الأسخياء والبخلاء (١) في الوجوب سواء، ثم لا يستحقون المدح.
﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ﴾ آثار القدرة والحكمة والرحمة لمتفرد بالقدم والبقاء، قاضٍ بالحدوث والفناء، مستحق للعبادة والدعاء.
وإنما قال: ﴿مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ﴾ ولم يقل مثل ما تنطقون؛ لأن التشبيه واقع بكونهم ناطقين حقًا لا يكون نطقهم حقًا لأن نطقهم في أعلى مراتب النطق وأبعد من الالتباس، فإن البهائم ناطقة من وجه غير وجه، وسائر الناس فيهم عجمة، والعرب في فصاحتهم قصور، وقريش هم الغاية في الفصاحة، وقيل: المراد بالتشبيه تشبيه نطق رسول الله -عليه السلام- (٢) عن الغيب بنطقهم عن المشاهدات.
﴿فِي صَرَّةٍ﴾ صيحة وضجة، وقيل: صرير الباب، وقيل: صرير النعل، ومنه الاصطكاك.
﴿وَفِي مُوسَى﴾ معطوف على قوله: ﴿وَفِي الْأَرْضِ﴾ أو قوله: ﴿تَرَكْنَاهَا آيَةً﴾.
﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ﴾ أي الاتحاد بروحه (٣) والاعتصام بروحه.
(الذَّنوب): الدلو العظيمة، وهاهنا عبارة عن التوبة والنصيب.
...
(٢) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب": (رسول الله - ﷺ -).
(٣) لفظه الاتحاد بروح الله هي لفظة صوفية تنتهي بالمريد بها أن يفنى بروح الله حتى يتوهم أنه هو الله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية [فتاوى شيخ الإسلام (١٣/ ١٩٩)] ومن هنا دخلت طائفة في الاتحاد والحلول فأحدهم قد يذكر الله حتى يغلب على قلبه ذكر الله ويستغرق في ذلك فلا يبقى له مذكور مشهود لقلبه إلا الله ويفنى ذكره وشهوده لما سواه فيتوهم أن الأشياء قد فنيت وأن نفسه فنيت حتى يتوهم أنه هو الله، وأن الوجود هو الله كما قال أبو زيد: ما في الجبة إلا الله. اهـ.