﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا﴾ أي على الأرض، والسماء مبنية عليها. داخلون في حكم الفناء والفناء بطلان وهلاك، ﴿وَيَبْقَى﴾ يمتنع عن الفناء ﴿وَجْهُ رَبِّكَ﴾ أي يبقى الله (١) ﴿ذُو الْجَلَالِ﴾ والجلالة والجليل: الكثير (٢) بشأنه أو بمعنى من معانيه.
﴿يَسْأَلُهُ﴾ سؤالهم إياه -عَزَّ وَجَلَّ- عند الاضطرار، وقيل: احتياجهم الطبيعي إلى صانعهم دون غيره، وقيل: سؤالهم القادر على إجابتهم على طريق الإجمال وإن أخطأوا في الإشارة والإقبال ﴿كُلَّ يَوْمٍ﴾ وقت ممتد ﴿هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ أي أمره في شأن حال.
وعن كعب الأحبار قال: لولا آيتان من كتاب الله تعالى أخبرتكم بما يكون إلى يوم القيامة وهما قوله: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ وقوله: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩].
﴿سَنَفْرُغُ﴾ سنخلو عن الشغل، وذكر الفراغ هاهنا على المجاز، والمراد به انتهاء الأحوال المقدرة في الأجل المضروب للثقلين، فإنها إذا انتهت انتهى الأجل ولم يبين ﴿الثَّقَلَانِ﴾ الجن والإنس سميا بذلك لكونهما محمولين في السفر فالسفر سفر القيامة، وحاملهما أمر الله المنتهي بهم إلى يوم الموعود.
وقال -عليه السلام- (٣): " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي" (٤).
فحوى قوله: ﴿لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ أن تنفذوا منها من له سلطان، والسلطان إذن الله لمن شاء من أوليائه.

(١) بقاء وجه الله هو بقاء الله لكن المؤلف قال: يبقى الله فرارًا من إثبات صفة الوجه لله وذلك كون المؤلف أشعريًا وهو على مذهب الأشاعرة في نفي صفة الوجه، والأصل حمل اللفظ على ظاهره فنثبت لله -عَزَّ وَجَلَّ- وجهًا يليق بجلاله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
(٢) في الأصل: (الكبير).
(٣) (السلام) ليست في "ي".
(٤) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٥/ ١٦٩)، والبغوي في تفسيره (٤/ ٢٧١)، والطحاوي في مشكل الآثار (٩/ ٨٨) من حديث زيد بن أرقم مرفوعًا.


الصفحة التالية
Icon