بها فواقعتها، فقال -عليه السلام- (١): "استغفر الله ولا تعد حتى تكفّر" (٢) وإن مسّها في أثناء الكفارة فعليه الاستقبال؛ لأن إيجاب جميع الصوم قبل المسيس أمر بإخلاء الشهرين عن المسيس وهو قادر على ذلك، والذي لا يستطيع شيئًا من الكفارات الثلاث فلسنا نرى (٣) أن يقرب امرأته بوجه من الوجوه.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ الإتيان في الوعيد ﴿الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ كفار بدر، وقيل: كفار الخندق.
﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ﴾ من مجاز الكلام وحقيقته (٤) استحالة اجتماعهم من غير أن يجمع وتناجيهم من غير أن يسمع، فهو واحد قبلهم وواحد معهم وواحد بعدهم، تعالى عن كل اتصال وانفصال وانعقاد وانحلال (٥).
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى﴾ كان المنافقون يرجفون في المدينة على سبيل التناجي إذا خرجت سرية من المسلمين فكان (٦) يحزن من ذلك أولياء الغزاة ويظنون أنهم سمعوا مكروهًا من جهة الغزاة أو عندهم خبر سبق، فنهاهم الله عن ذلك فلم ينتهوا فأنزل الله، وعن عائشة قالت: دخل على رسول الله (٧) يهود فقالوا: السام عليكم يا أبا القاسم، قالت عائشة: فقلت: عليكم السام ونلت منهم، فقال رسول الله (٧): "إن الله لا يحب
(٢) أبو داود (٢٢١٣)، والترمذي (٣٢٩٩)، وابن ماجه (٣٠٦٢)، وأحمد (٥/ ٤٣٦) والحديث حسن.
(٣) في "ب": (فلسنا نرى له أن).
(٤) في الأصل: (وحقيقة).
(٥) يريد المؤلف أن الله لا متصل بالعالم ولا منفصل عن العالم، وهذه العبارة ابتدعها المتأخرون ولم يخض بها السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم، فالأصل عدم الخوض في مثل هذا الكلام والله مستغن عن جميع مخلوقاته؛ فإن كان الاتصال يقتضي حاجته لشيء من مخلوقاته فهذا منتف عن الله. وانظر تفصيل ذلك في شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٣٢٥)، فضائح الباطنية (١/ ١٥٢).
(٦) (فكان) ليست في "أ".
(٧) في "ب": (رسول الله صلى الله عليه وسلم).