فتبسم النبي -عليه السلام- (١)، قال: فقلت لحفصة: لا تراجعي رسول الله (١) ولا تسأليه شيئًا وسليني ما بدا لك، فلا يغرنك أن صاحبتك أوسم منك وأحب إلى رسول الله، قال: فتبسم أخرى، قلت: يا رسول الله استأنس قال: "نعم" قال: فرفعت رأسي فما رأيت إلا أهُبة ثلاثة، فقلت: يا رسول الله اُدع الله أن يوسع على أمتك، فقد وسَّع الله على فارس والروم وهم لا يعبدونه، فاستوى جالسًا فقال: "أوفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة (٢) الدنيا" قال: وكان أقسم أن لا يدخل على نسائه شهرًا فعاتبه الله في ذلك وجعل له كفارة اليمين.
قال الزهري: حدثني عروة عن عائشة قال: فلما مضت تسع وعشرون دخل عليَّ بدأني قال: "يا عائشة إني ذاكر لك شيئًا فلا تعجلي حتى تستأمري أبويك" (٣) ثم قرأ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ﴾ [الأحزاب: ٢٨] على ما سبق ﴿فَقَدْ (٤) صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ مالت قلوبكما عن الحق وجزاؤه مضمر تقديره ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ﴾ توبا أو فأسرعا ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أبو بكر وعمر (٥) وعلي، فتقديره: ومن صلح من المؤمنين ظهير كالفقيه.
وعن عمر بن الخطاب: وافقت الله في ثلاث ووافقني في ثلاث (٦)؛ قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ (٧) مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] فقلت: يا رسول الله إنه يدخل عليك
(٢) في "ب": (حياتهم).
(٣) البخاري (٢٤٦٨)، ومسلم (١٤٧٩).
(٤) (فقد) من الأصل.
(٥) روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعًا قال عليه الصلاة والسلام: "من صالح المؤمنين أبو بكر وعمر". أخرجه ابن عساكر (٣٠/ ٢٢٣)، والخطيب البغدادي في تاريخه (١/ ٣٠٤)، والطبراني (٦٠٤٧٧) وهو مروي عن مقاتل بن سليمان والضحاك بن مزاحم.
(٦) (ووافقني في ثلاث) ليست في "أ".
(٧) من قوله (فأنزل) إلى هنا ليس في "أ".