﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥)﴾ يقتضي افتتاح الصلاة بذكر الله بأي لفظة ذكر، وبأيّ عبارة نطق.
وعن أبي ذرّ قال: أتيت النبيّ -عليه السلام- وهو في المسجد فاغتنمت خلوته، فقال: "يا أبا ذرّ للمسجد تحية وتحيته ركعتان"، فلما صلّيت قلت: يا نبيّ الله ما الصلاة؟ قال: "خير موضوع فاستكثر أو استقلّ"، قلت: فأيّ العمل أفضل؟ قال: "إيمانٌ بالله وجهادٌ في سبيله"، قلت: فأيّ المؤمنين أكمل إيمانًا؟ قال: "أحسنهم خلقًا"، قلت: فأيّ المسلمين أسلم؟ قال: "من سَلِمَ المسلمون من يده ولسانه"، قلت: فأيّ الهجرة أفضل؟ قال: "من هجر السيئات"، قلت: فأيّ الصلاة أفضل؟ قال: "طول القنوت"، قلت: فأيّ الصدقة أفضل؟ قال: "جهد من مقلّ يمشي به إلى فقير"، قلت: فأيّ الجهاد أفضل؟ قال: "من عُقر جواده وأُهريق دمه"، قلت: يا نبيّ الله كم كتاب أنزل الله؟ قال: "مائة كتاب وأربعة كتب"، قلت: فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: "أمثالًا كلها"، قال: "فكان فيها: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥)﴾ إلى آخر السورة، وفيها: أيّها الملك المسلّط المبتلى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض، ولكن بعثتك لتردّ عني دعوة المظلوم، فإنّي لا أردّها ولو كانت من كافر، وفيها: على العاقل ما لم يكن مغلوبًا على عقله أن يكون له ساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يتفكّر في صنع الله، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدّم وأخّر، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال في المطعم والمشرب، وعلى قدر لا يكون ظاعنًا إلَّا في ثلاث: تزوّد لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذّة في غير محرم، وعلى العاقل أن يكون بصيرًا بزمانه مقبلًا على شأنه حافظًا للسانه، ومن حسب الكلام من عمله أقل الكلام إلا فيما يعنيه".
قلت: يا نبي الله، فما كانت صحف موسى؟ قال: "كانت عبرًا كلّها، عجبت لمن أيقن بالحساب وهو لا يعمل".
قلت: يا رسول الله أوصني، قال: "أُوصيك بتقوى الله، فإنّه رأس


الصفحة التالية
Icon