المبحث الأول
الجرجاني (١)
سأوجز الحديث عن الجرجانيّ لسببين:
الأول: أنّه درس دراسة وافية من عدد من الباحثين الفضلاء، منهم الدكتور البدراوي زهران في كتابه (عالم اللغة عبد القاهر الجرجاني المفتنّ في العربية ونحوها)، والدكتور أحمد أحمد بدوي في كتابه (عبد القاهر الجرجاني وجهوده في البلاغة العربية)، والدكتور أحمد مطلوب في كتابه (عبد القاهر الجرجاني، بلاغته ونقده) والدكتور كاظم بحر المرجان في مقدمة تحقيق كتاب (المقتصد في شرح الإيضاح).
والثاني: أنّ نسبة (درج الدّرر في تفسير القرآن العظيم) إلى عبد القاهر الجرجانيّ غير مسلّمة، بحسب ما تكشّف لي في أثناء التّحقيق، وهو ما سيأتي بيانه مفصّلا في المبحث الثاني من هذا الفصل إن شاء الله.
ويمكن اختصار الحديث عن الجرجاني بالآتي:
أ-حياته:
لم تذكر المصادر السّنة التي ولد فيها أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجانيّ، ولا عمره حين وفاته، لنستدلّ منه على سنة ولادته. ولم يكن لعبد القاهر رحلة في طلب العلم في أثناء حياته، إذ ذكر أبو البركات الأنباري أنّه «لم يخرج عن جرجان في طلب العلم» (٢).
أمّا وفاته فمعظم المصادر على أنّها كانت في سنة إحدى وسبعين وأربع مئة (٣)، وذكرت المصادر قولا آخر يساق في أكثرها بصيغة التّمريض (قيل)، وهو أنّ وفاته كانت في سنة أربع وسبعين وأربع مئة (٤). والأول هو الرّاجح.
ب-شيوخه:
ذكر ياقوت (٥) أنّ من شيوخه: القاضي أبا الحسن علي بن عبد العزيز بن الحسن الجرجاني،
_________
(١) ينظر في ترجمته: نزهة الألباء ٢٦٤، وإنباه الرواة ٢/ ١٨٨، ومرآة الجنان ٣/ ١٠١، والبلغة ١٢٦، وبغية الوعاة ٢/ ١٠٦، وطبقات المفسرين ١/ ٣٣٠، وشذرات الذهب ٣/ ٣٤٠.
(٢) نزهة الألباء ٢٦٤.
(٣) ينظر: العبر في خبر من غبر ٣/ ٢٧٩، والبلغة ١٢٧، وشذرات الذهب ٣/ ٣٤٠.
(٤) ينظر: مرآة الجنان ٣/ ١٠١، وطبقات الشافعية الكبرى ٥/ ١٥٠، وطبقات الشافعية ٢/ ٢٥٣.
(٥) ينظر: معجم الأدباء ١٤/ ١٦. ويبعد ما ذكره؛ لأنّ وفاة عبد القاهر كما مرّ آنفا كانت بعد سنة ٤٧٠ هـ، فإذا صحّ ما نقله فيكون قد عاش نحو مئة سنة، ولم تذكر مصادر ترجمته أنّه كان من المعمّرين.