إيمانكم، ثمّ مضى ومضوا، فلمّا انفرد بأصحابه قال لهم: كيف رأيتم ودي (١) هؤلاء السفهاء عنكم؟ قالوا: لا نزال بخير ما عشت لنا، فأنزل الله (٢).
واللقاء رؤية تقتضي مصادفة ومعاينة (٣)، ويستعار لإصابة الخير والشر، قال الله تعالى: ﴿وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً﴾ [الإنسان: ١١].
﴿وَإِذا خَلَوْا:﴾ مضوا (٤).
﴿إِلى شَياطِينِهِمْ:﴾ كهنتهم (٥)، قيل: إنّهم كانوا خمسة نفر: كعب بن الأشرف وأبو بردة الأسلميّ وعبد الدار الجهنيّ وعوف بن عامر الأسديّ وابن السوداء (٦).
﴿إِنّا:﴾ مركّبة من (إنّ) التي هي للإثبات (٧) و (نا) كناية للجمع الذين المتكلّم منهم، فلمّا اجتمعت النونات اكتفي بنون مشدّدة (٨).
﴿مَعَكُمْ:﴾ بالقلوب. وقيل: في التكذيب سرّا (٩).
﴿مُسْتَهْزِؤُنَ:﴾ بأصحاب محمد بإظهار قول: لا إله إلا الله (١٠).
١٥ - ﴿اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ:﴾ "يجازيهم على استهزائهم" (١١)، كقوله: ﴿وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها﴾ [الشورى: ٤٠]، وقوله: ﴿فَمَنِ اِعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا﴾ [البقرة: ١٩٤]، وقال الشاعر (١٢): [من الوافر]
ألا لا يجهلن أحد علينا … فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وفي الخبر [أنّ] (١٣) جزاء استهزائهم أنّهم يدعون إلى الجنّة وهم في النّار فيسيحون أحقابا
_________
(١) لعل الصواب: ردي.
(٢) ينظر: أسباب نزول الآيات ١٢، والعجاب في بيان الأسباب ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧، ولباب النقول ٧.
(٣) ينظر: مجمع البيان ١/ ١٠٦، وإرشاد العقل السليم ١/ ٤٦.
(٤) ينظر: البحر المحيط ١/ ١٩٣، وتفسير القرآن العظيم ١/ ٥٤.
(٥) ينظر: تفسير القرآن الكريم ١/ ٢٧٦، وزاد المسير ١/ ٢٧، وتفسير القرطبي ١/ ٢٠٧.
(٦) في الأصل وك وع: السوط. وينظر: تفسير القرآن الكريم ١/ ٢٧٦ - ٢٧٧، وتفسير البغوي ١/ ٥١، وروح المعاني ١/ ١٥٧.
(٧) في ع وب: الإثبات.
(٨) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ١/ ٨٩، والمجيد في إعراب القرآن المجيد (ط ليبيا) ١١٩.
(٩) في ب: سدا. وينظر: تفسير القرآن العظيم ١/ ٥٤.
(١٠) ينظر: تفسير الطبري ١/ ١٩٠ - ١٩١، وتفسير البغوي ١/ ٥١، ومجمع البيان ١/ ١٠٧.
(١١) معاني القرآن الكريم ١/ ٩٦، وتلخيص البيان في مجازات القرآن ٥، والنكت والعيون ١/ ٧١.
(١٢) عمرو بن كلثوم، ديوانه ٧٦.
(١٣) من ب.