وإنّما أنعم عليهم بهذه في التّيه حين احتاجوا إلى الطعام وتأدّوا من حرّ الشمس (١).
والقول (٢) ههنا مضمر، وتقديره: (وقلنا: كلوا من طيّبات) (٣)، كقوله: ﴿كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاِشْرَبُوا﴾ [البقرة: ٦٠]، وقوله: ﴿مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ [الرعد:
٢٣ - ٢٤]، [وقوله:] (٤) ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ﴾ [آل عمران: ١٠٦] (٥)، وقال امرؤ القيس (٦): [من الطويل]
أفاطم مهلا بعض (٧) … هذا التدلّل
وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
و" (من) للتبعيض" (٨).
والطّيّب: ما لا تعافه طبعا، ولا تكرهه شرعا (٩)، وكان غير الطيّب من رزقهم ما رفعوا للغد؛ لأنّهم كانوا منهيّين عنه إلا في يوم الجمعة للسبت (١٠).
(١٤ و) وههنا اختصار وتقديره: فعصوا ﴿وَما ظَلَمُونا:﴾ بعصيانهم (١١).
وإنّما لم يقل: ولكن كانوا يظلمون أنفسهم (١٢)؛ لأنّ ذكر (١٣) المظلوم كان أهمّ (١٤).
٥٨ - ﴿وَإِذْ قُلْنَا اُدْخُلُوا:﴾ الوحي كان إلى يوشع بن نون، وهو ابن أخت موسى، ووزيره (١٥) بعد هارون، وهو أحد النّقباء الذين قال الله تعالى [فيهم] (١٦): ﴿وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اِثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً﴾ [المائدة: ١٢].
وجملة قصّة بني إسرائيل أنّ الله تعالى لمّا أنجاهم من فرعون، وفرق بهم البحر أتوا على قوم
_________
(١) ينظر: تفسير الطبري ١/ ٤٢٢ - ٤٢٥، وتفسير القرآن الكريم ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨، والمحرر الوجيز ١/ ١٤٨.
(٢) يريد في قوله تعالى بعد ذلك في الآية نفسها: كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ.
(٣) ينظر: تفسير الطبري ١/ ٤٢٥، والكشاف ١/ ١٤٢، والمحرر الوجيز ١/ ١٤٩.
(٤) يقتضيها السياق.
(٥) ينظر: تفسير القرآن الكريم ١/ ٣٥٩.
(٦) ديوانه ١٢.
(٧) في ك وع: بعد.
(٨) التبيان في إعراب القرآن ١/ ٦٥، والبحر المحيط ١/ ٣٧٥.
(٩) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ١/ ٢٦٠، ومجمع البيان ١/ ٢٢٥، وتفسير القرطبي ١/ ٤٠٨.
(١٠) ينظر: تفسير القرآن الكريم ١/ ٣٥٨، والتبيان في تفسير القرآن ١/ ٢٥٩، وتفسير القرطبي ١/ ٤٠٧.
(١١) ينظر: تفسير الطبري ١/ ٤٢٥، والكشاف ١/ ١٤٢، والمحرر الوجيز ١/ ١٤٩.
(١٢) بل قال: وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.
(١٣) في ك: لا ذكر، بدل (لأن ذكر)، وقبلها في ك وع: أنفسهم يظلمون، بدل (يظلمون أنفسهم)، وهو خطأ.
(١٤) ينظر: البحر المحيط ١/ ٣٧٦.
(١٥) في ك: وزيره، والواو ساقطة.
(١٦) يقتضيها السياق. وينظر: تفسير القرآن الكريم ١/ ٣٦١، وزاد المسير ١/ ٧٢.