﴿الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ:﴾ يعني المقاتلة (١).
﴿وَلا تَعْتَدُوا:﴾ بقتل النّسوان والصّبيان (٢). وروي أنّه صلّى الله عليه وسلّم رأى عام الفتح امرأة مقتولة، فأرسل إلى خالد بن الوليد أن لا تقتل (٣) ذرّيّة ولا عسيفا (٤). والآية غير منسوخة على هذا الوجه (٥).
وأصل الاعتداء ههنا مجاوزة القتال في سبيل الله إلى القتال في غير سبيله (٦)، وقيل (٧): هو قتال من لم يبلغه الدّعوة، وهي غير منسوخة على هذين أيضا. وقيل: هي مجاوزة القتال على وجه المجازاة إلى القتال على سبيل الابتداء، والآية منسوخة على هذا بآية السيف (٨).
والمقاتلة مفاعلة من القتال (٩). والقتال الحرب ومعاطاة القتل (١٠).
والاعتداء افتعال من العدو.
وقوله: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ دلالة أنّ إطلاق المحبّة في موضع الإرادة مجازا لانتفائه مرّة وثبوته أخرى لإجماعنا أنّ المعتدين مرادون لله تعالى وإن خالفونا في الاعتداء هل هو مراد أم لا (١١).
١٩١ - ﴿وَاُقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ:﴾ نزلت في من نزلت الآية المتقدّمة (١٢).
و (الثقف): الإدراك والمصادفة، يقال: رجل ثقف لقف، وثقف لقف، إذا كان سريع الإدراك لطلبته (١٣).
وهي عامّ خصه (١٤) قوله: ﴿وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ.﴾
﴿وَأَخْرِجُوهُمْ:﴾ يعني من الحرم (١٥).
_________
(١) ينظر: تفسير البغوي ١/ ١٦١، ومجمع البيان ٢/ ٢٩، وتفسير البيضاوي ١/ ٤٧٥ - ٤٧٦.
(٢) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ١/ ٢٦٣، النكت والعيون ١/ ٢١٠، والمحرر الوجيز ١/ ٢٦٢.
(٣) في ك وع: يقتل.
(٤) ينظر: مسند الروياني ٢/ ٤٤٠ - ٤٤١، ومعجم الصحابة ١/ ٢٠١، وتحفة المحتاج ٢/ ٥٠٥.
(٥) ينظر: تفسير الطبري ٢/ ٢٥٩، ومجمع البيان ٢/ ٢٩، وتفسير القرطبي ٢/ ٣٤٧ - ٣٤٨.
(٦) ينظر: المحرر الوجيز ١/ ٢٦٢.
(٧) ينظر: الكشاف ١/ ٢٣٥، والتفسير الكبير ٥/ ١٢٨، وتفسير البيضاوي ١/ ٤٧٦.
(٨) ينظر: تفسير الطبري ٢/ ٢٥٨ - ٢٥٩، وتفسير البغوي ١/ ١٦١، والمحرر الوجيز ١/ ٢٦٢.
(٩) ينظر: تفسير القرطبي ٢/ ٣٤٨.
(١٠) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ٢/ ١٤٣.
(١١) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ٢/ ١٤٤.
(١٢) ينظر: التفسير الكبير ٥/ ١٢٩.
(١٣) ينظر: لسان العرب ٩/ ١٩ (ثقف).
(١٤) بعدها في ك: ما، وهي مقحمة.
(١٥) ينظر: مجمع البيان ٢/ ٣٠، ونواسخ القرآن ٧٤، والتفسير الكبير ٥/ ١٣٠.