و (التّهلكة) اسم من الهلاك (١). وقال الخارزنجي (٢): لا أعرف مصدرا على (التّفعلة) بضمّ العين إلا هذا. والمراد ههنا الهلاك في أمر الدّيانة، والهلاك يستعمل (٣) في ذلك، قال عمر: "لولا عليّ لهلك عمر" (٤).
﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ:﴾ محبّة الله عبده ارتضاؤه (٥) لدينه وسائر كراماته، ومحبّة العبد ربّه ارتضاؤه للعبادة والذّكر.
والفرق بين المحبّة والإرادة أنّك تريد عدوّك بالمكروه والسّوء، ولا تحبّه بالمكروه والسّوء (٦).
١٩٦ - ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ:﴾ عطف التّطوّع على الفرض (٧)، ويجوز ذلك إذا حلّ محلّ الواجب في التأكيد كقوله: ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩].
وقيل: أراد بها العمرة الواجبة بالإحرام المتقدّم؛ لأنّه قال: ﴿وَأَتِمُّوا﴾ والإتمام إنّما هو بعد الشّروع (٨)، وعلى هذا حجّة (٩) من لم يأمر القارن بطوافين وسعيين.
وقرأ الشعبيّ (١٠): (والعمرة) بالرفع، ويراها تطوّعا (١١)، ويجوز التّطوّع بما لا أصل لها في الفرائض كالاعتكاف (١٢).
﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ:﴾ منعتم بالعوائق من الخوف والمرض والفقر (١٣). وروى إبراهيم بن علقمة: (٤٥ و) فإن أحصرتم من مرض أو حبس، قال: فحدّثت به سعيد بن جبير فقال: هكذا قال ابن عبّاس (١٤).
_________
(١) ينظر: غريب القرآن وتفسيره ٨٨، ومعاني القرآن وإعرابه ١/ ٢٦٦، والعمدة في غريب القرآن ٨٨.
(٢) أبو حامد أحمد بن محمد الخارزنجي البشتي، أديب خراسان في عصره ومصنف تكملة العين، ت ٣٤٨ هـ‍، ينظر: الأنساب ٢/ ٣٠٤، وكشف الظنون ١/ ٤٨ و ٢/ ١٤٤٣، والأعلام ١/ ٢٠٨. وتابعه الطبرسي في مجمع البيان ٢/ ٣٤، ونقل قوله الفخر الرازي في التفسير الكبير ٥/ ١٣٦. ومما جاء على التّفعلة أيضا: التّضرّة والتّسرّة، ينظر: الكتاب ٤/ ٢٧٠، والتفسير الكبير ٥/ ١٣٦، وتفسير البيضاوي ١/ ٤٧٨.
(٣) في ك: ليستعمل، واللام مقحمة.
(٤) الاستيعاب ٣/ ١١٠٣، وشرح نهج البلاغة ١٢/ ٢٠٥. ويروى: لولا معاذ لهلك عمر، ينظر: السنن الكبرى للبيهقي ٧/ ٤٤٣، والإحكام للآمدي ١/ ٢٥٤.
(٥) في ب: وارتضاؤه، والواو مقحمة.
(٦) ينظر: زاد المسير ١/ ٢٠٢.
(٧) ينظر: تفسير الطبري ٢/ ٢٨٦ - ٢٨٨، والبغوي ١/ ١٦٦.
(٨) ينظر: تفسير الطبري ٢/ ٢٨٤، وزاد المسير ١/ ١٨٥، والتفسير الكبير ٥/ ١٣٩.
(٩) بعدها في النسخ الأربع: على، وهي مقحمة.
(١٠) ينظر: مختصر في شواذ القراءات ١٢، وتفسير القرآن الكريم ١/ ٥٨٦، والمحرر الوجيز ١/ ٢٦٦.
(١١) ينظر: تفسير الطبري ٢/ ٢٨٥، ومعاني القرآن الكريم ١/ ١١٤، وتفسير البغوي ١/ ١٦٦.
(١٢) ينظر: تفسير الطبري ٢/ ٢٩٠.
(١٣) ينظر: غريب القرآن وتفسيره ٨٩، ومعاني القرآن وإعرابه ١/ ٢٦٧، والنكت والعيون ١/ ٢١٣.
(١٤) ينظر: شرح معاني الآثار ٢/ ٢٥١.


الصفحة التالية
Icon