ومن الذين رفعهم الله درجات آدم بسجود الملائكة وافتتاح النّبوّة وعلم الأسماء، وإدريس برفعته مكانا (١) عليّا، ونوح بالنّصرة العامّة ونشر ذرّيّته (٢)، وإبراهيم بالبركة عليه وعلى آله وبأنّ له لسان صدق في الآخرين (٣)، وموسى (٤) بالكلام والكتاب وابتعاث (٥) الأنبياء على شريعته، وعيسى بالآيات والرّفع (٦)، ونبيّنا بالدّعوة العامّة والمعجزة الباقية وبنسخ الشرائع وختم النّبوّة وبالمعراج الأعلى والشّفاعة المدّخرة صلوات الله على جميع الأنبياء والمرسلين (٧).
﴿مَا اِقْتَتَلَ الَّذِينَ:﴾ ما اختلف الذين وما اشتجروا (٨)، يدلّ عليه قوله: ﴿وَلكِنِ اِخْتَلَفُوا،﴾ وإنّما عبّر عنه بذلك لأنّه قضيّته (٩) وغايته.
﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اِقْتَتَلُوا:﴾ دليل على أنّه لم يشأ اتّفاقهم وشاء اختلافهم (١٠).
﴿وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ:﴾ يدلّ أنّه شاء كينونة اختلافهم فخلقه فيهم تمكينا ومدّا على ما أراد من غير إجبار (١١) ليميز الخبيث من الطّيّب بالحكمة.
٢٥٤ - ﴿لا بَيْعٌ فِيهِ:﴾ لا دفع بالثّمن، كما أنّ الشّراء أخذ بالثّمن والبيع دفع به (١٢).
﴿وَلا خُلَّةٌ:﴾ صداقة، وهي مصدر الخليل (١٣).
وعن الحسن أنّ المراد بالنّفقة الزّكاة (١٤)، وعن ابن جريج التّطوّع (١٥).
وإنّما أمر بالمبادرة ليقدّموا خيرا فلا يخسروا يوما لا بيع فيه فيفتدوا، ولا خلّة فيه فينبسطوا في خير أخلاّئهم، ولا استبداد لأحد في الشّفاعة فشفعوه إلى أن يفدي الله تعالى من شاء من المؤمنين بمن شاء من الكافرين، ويزيل الأهوال عن أفئدة (٥٦ و) المتّقين فيعودوا متحابّين متشفعين بإذنه (١٦).
_________
(١) في ب: ما كانا. وينظر: تفسير القرآن الكريم ١/ ٦٨٧، والكشاف ١/ ٢٩٨، وتفسير القرطبي ٣/ ٢٦٥.
(٢) ينظر: الكشاف ١/ ٢٩٨.
(٣) ينظر: الكشاف ١/ ٢٩٨، والبحر المحيط ٢/ ٢٨٢ - ٢٨٣.
(٤) ليس في ب.
(٥) في ب: وانبعاث. وينظر: الكشاف ١/ ٢٩٨.
(٦) ينظر: الكشاف ١/ ٢٩٨.
(٧) ينظر: تفسير الطبري ٣/ ٣ - ٤، ومعاني القرآن وإعرابه ١/ ٣٣٤، وتفسير البغوي ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧.
(٨) ينظر: تفسير القرآن الكريم ١/ ٦٨٧.
(٩) في ع: قصته.
(١٠) ينظر: البحر المحيط ٢/ ٢٨٤.
(١١) في ع: إخبار. وينظر: البحر المحيط ٢/ ٢٨٤.
(١٢) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ٢/ ٣٠٥ - ٣٠٦، ومجمع البيان ٢/ ١٥٥.
(١٣) ينظر: تفسير غريب القرآن ٩٣، ومجمع البيان ٢/ ١٥٥ و ١٥٦، وتفسير القرطبي ٣/ ٢٦٦.
(١٤) في ك: الصلاة. وينظر: زاد المسير ١/ ٢٦٤، وتفسير القرطبي ٣/ ٢٦٦، والبحر المحيط ٢/ ٢٨٥.
(١٥) ينظر: تفسير الطبري ٣/ ٦، والبحر المحيط ٢/ ٢٨٥، والجواهر الحسان ١/ ٤٩٩.
(١٦) ينظر: تفسير الطبري ٣/ ٦.


الصفحة التالية
Icon