وفي قوله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ﴾ [البقرة: ١٤٦] ذكر الأقوال المختلفة في معنى المعرفة ومنها أنّها «سكون النفس إلى ما وقع به العلم»، واستدلّ عليه بجزء من مثل من غير أن يذكر كونه مثلا، فقال: «لقولهم: النّفس عروف» (١). وفي موضع آخر استشهد بالمثل نفسه بتمامه، وبيّن في هذه المرّة كونه مثلا، وذلك عند كلامه على معنى (التّحميل) في قوله تعالى: ﴿وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٦] فقال: «والتّحميل: التّكليف، وفي المثل: النّفس عروف وما حمّلتها احتملت» (٢).
وذكر مثلا آخر موضّحا سبب ضربه في أثناء بيانه معنى (الإعصار) في قوله تعالى: ﴿فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾ [البقرة: ٢٦٦] فقال: «وفي المثل: إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا، يضرب لمن يعتقد قدرة في نفسه فيبتلى بمن فوقه» (٣).
وفي حديثه عن معاني (الإلّ) في قوله تعالى: ﴿لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً﴾ [التوبة: ٨] استشهد على أحد تلك المعاني بقول لأبي بكر الصّدّيق فقال: «والإلّ: اسم الله وربوبيّته، قال أبو بكر الصّدّيق: ويحكم إنّ هذا لم يخرج من إلّ» (٤).
وفي قوله تعالى: ﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ﴾ [التوبة: ٥٣] قال:
«وقوله: (قل أنفقوا) في معنى الشّرط»، واستشهد لذلك بآية، وقول لأبي الدّرداء، ومثل، فقال:
«كقوله: ﴿اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [التّوبة: ٨٠]، وقال أبو الدّرداء: وجدت النّاس اخبر تقله، وفي المثل: عش رجبا تر عجبا» (٥).
_________
(١) درج الدرر ١٧٠.
(٢) درج الدرر ٢٨٩.
(٣) درج الدرر ٢٧٥.
(٤) درج الدرر ٦٧٤.
(٥) درج الدرر ٧٠٠.