وخرجوا من عنده، ثم أمر الوكيل بتجهيزهم، ودسّ بضاعتهم في أحمالهم وهم لا يعلمون، وقال لهم: ﴿اِئْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ﴾ ووعدهم على ذلك إيفاء الكيل، وحسن القرى. (١)
٦٠ - ﴿فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي﴾ (٢): هذا وعيد من يوسف عليه السّلام، وإنّما عطف المجزوم على المرفوع حكما لحسن دخول الفاء الموجبة للرفع على هذا المجزوم (٣).
٦٢ - ﴿فِي رِحالِهِمْ:﴾ جمع رحل، وهو ما ترحل به الدابة من بيت أو أثاث أو طعام.
﴿لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها:﴾ يميزونها من سائر ما في رحالهم إذا فتحوا، فلا يتعذر عليهم الرجوع، لإعواز البضاعة.
٦٣ - ﴿مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ:﴾ في المستقبل؛ لقوله: ﴿فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ...﴾
الآية [يوسف: ٦٠].
٦٤ - ﴿قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ:﴾ ذكّرهم حديث يوسف عليه السّلام؛ ليعلم أنّ جريمتهم الأولى حرّمت تهمتهم في سائر الأمور، فيندموا (٤) عليها، ولا يقدموا على مثلها.
٦٥ - ﴿ما نَبْغِي:﴾ بمعنى الاستفهام، أي: أيش نطلب بعد هذا؟ وقيل: التمسوا بضاعة للرحيل، فلم يقدروا عليها، ثم فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم الأولى ردّت إليهم، فقالوا: يا أبانا وجدنا الذي كنا نبغيه. (٥)
﴿نَمِيرُ أَهْلَنا:﴾ نجلب إليهم الميرة، يقال: مار فلان أهله.
﴿وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ:﴾ لأن يوسف عليه السّلام ما كان يكيل رجلا واحدا إلا حمل بعير واحد، وذلك إشارة إلى ما حملوه، فيكون اليسير القليل. ويحتمل: أن يكون إشارة إلى ما ازدادوه، فيكون اليسير سهل المأخذ.
٦٦ - ﴿مَوْثِقاً مِنَ اللهِ:﴾ من الحلف بالله، وفيه دلالة على صحة الكفالة بالنفس.
﴿إِلاّ أَنْ يُحاطَ:﴾ يحيط بكم أمر من الله تعالى فيعذركم.
﴿وَكِيلٌ:﴾ المتوكل عليه على حفظ ميثاقنا، أو الشهادة على هذا الميثاق موكولة (٦) إليه،
_________
(١) ينظر: تفسير الطبري ٧/ ١٥٩.
(٢) محذوفة من أ.
(٣) (حكما... المجزوم)، ساقطة من ع.
(٤) ع: فيتقدموا.
(٥) ينظر: التفسير الكبير ١١/ ١٤٨، والمحرر الوجيز ٨/ ١٨، وتيسير التفسير ٦/ ١٨٠، وتفسير النسفي ٢/ ١٢٢.
(٦) ع: من له.


الصفحة التالية
Icon