﴿مَسْنُونٍ﴾ (١): متغير. وقيل: مصبوب. (٢)
قيل: خلق الله تعالى قالبا (٣) من سلالة الأرض على صورة الإنسان، وكان مطروحا على الأرض أربعين سنة، وكان قد صار صلصالا كالفخار، فمرّ عليه إبليس يوما، فدخل جوفه، ثم خرج منه، وتفرّس فيه أنّه يكون ضعيفا يتمكّن منه عدوّه بالغرور لمكان التجويف، وكثرة الاحتياج، ثم نفخ الله فيه الروح، فلمّا حصل في رأسه، واستحال رأسه دماغا ولحما، وروحا على صورته الأولى عطس، فحمد الله تعالى بتلقين جبريل عليه السّلام فشمّته الله تعالى بقوله: رحمك ربّك، فلما حصل الروح في صدره ومعدته، وانحدر إلى سوأته، واستحال كلّ ذلك لحما وعصبا وعظما غلبه الجوع، فقصد للنهوض، وإنّ بعضه لطين بعد، ففي ذلك يقول: ﴿وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً﴾ (٤) [الإسراء: ١١]، وقوله: ﴿خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [الأنبياء: ٣٧]. يقال: خلقته (٥) من الشرّ (١٧٨ ظ) وخلقته من الرحمة. وقيل: العجل: الطين، قاله الكلبي، وغيره. (٦)
٢٧ - ﴿الْجَانَّ:﴾ أبو الجنّ بمنزلة آدم منا، ولم يذكروا من أمّ الجن. وعن جعفر بن محمد الصادق (٧): أنّ الله تعالى بعد خلق الكلمة قدّ قددا من أنواع الخلق، وذلك قوله: ﴿كُنّا طَرائِقَ قِدَداً﴾ [الجن: ١١]، فلما خلق الأرض أهبط تلك القدد إلى الأرض، فقدّة النار يسمّون: الجانّ، وقدّة الظّلمة يسمون: الجنّ، وأذن لهم الكلمة أن يفجّروا (٨) في الأرض الأنهار، وطرح إليهم غرسا، فغرسوا من الحبّ والنوى، فعمروا الأرض دهرا، وكانت الجنّ أصحاب المواشي، والجانّ أصحاب الزروع، ثم تحاسدوا، وصاروا (٩) أحزابا، واقتتلوا دهرا طويلا، ثم إنّ الله تعالى خلق خلقا يقال (١٠) له: النصر، وخلق خلقا يقال له: الرّعب، فألقى الرّعب في قلوب الجنّ
_________
(١) أ: مستور.
(٢) ينظر: تهذيب اللغة ٢/ ١٧٧٨، الغريبين ٣/ ٩٤١ عن الأخفش، وزاد المسير ٤/ ٣٠٣ عن أبي عمرو بن العلاء وأبو عبيدة.
(٣) أ: قلبا.
(٤) الأصول المخطوطة: وخلق الإنسان عجولا.
(٥) أ: ك: خلقت، وكذلك التي بعدها.
(٦) ينظر: لسان العرب ١١/ ٤٢٨.
(٧) أبو عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، المدني الصادق، توفي سنة ١٤٨ هـ‍. ينظر: المعارف ١٧٥، والسابق واللاحق ١٦٩، وتهذيب الكمال ٥/ ٧٤.
(٨) أ: هجروا.
(٩) ع: وصاروا.
(١٠) أ: فقال، وكذلك التي تليها.


الصفحة التالية
Icon