وخبّاب بن الأرت (١)، وعائش وجبر أسروهم، وعذّبوهم؛ ليردّوهم عن الإسلام، فأمّا صهيب فابتاع نفسه بماله، وفيه نزل: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ...﴾ الآية [البقرة: ٢٠٧]، وأمّا سائر أصحابه فقالوا بعض ما أرادوا، ثم هاجروا بعد ذلك إلى المدينة. (٢)
٤٢ - ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا:﴾ أي: كانت قلوبهم مطمئنة بالإيمان.
٤٤ - ﴿بِالْبَيِّناتِ:﴾ أي: أرسلنا هؤلاء الرسل بالبيّنات.
﴿لِتُبَيِّنَ:﴾ ما نزّل إليهم، يدلّ: أنّ [من] (٣) القرآن ما لا يعلم إلا بالتوفيق النبوي.
وقوله: ﴿وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ يدلّ: أنّ فيه ما يعلم بالتفكير والتدبر، فأما ما لا (٤) يعلم تأويله إلا الله، فذلك جنس ثالث، وقد بيّن ذلك في أثناء المحكمات على طريق الإجمال دون اليقين، وما يعلم معناه عند ورود الخطاب من غير توقيف ولا تفكر جنس رابع، وهو الحجة على جميع العقلاء.
٤٥ - ﴿أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ:﴾ خسف الأرض: سؤوخها (٥) بما فيها. ويحتمل:
تقليب الأعيان وإفساد الأبنية، وكأنّ المراد بالخسف: حالة القرار والسكون؛ ولذلك انعطف عليها حالة التقلّب.
٤٧ - ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ:﴾ فالمتقدم حالة الأمن، فانعطف حالة الخوف عليها، وإن أراد الحالتين (٦)، فمعناه: بتخوف، وهو بأن يلقي الرعب في قلوبهم، فلا يزالون يتخوفون من كلّ شيء لا يطيب لهم.
٤٨ - ﴿داخِرُونَ:﴾ صاغرون.
٤٩ - عديّ بن أرطأة (٧) قال: ألا أحدثكم بحديث ما بيني وبين رسول الله إلا رجل قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ لله ملائكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيامة ترعد
_________
(١) أبو عبد الله خباب بن الأرت بن جندلة، سادس ستة في الإسلام، توفي، ينظر: معرفة الثقات ١/ ٣٣٤، وصفة الصفوة ١/ ٤٢٧، وتهذيب الأسماء ١/ ١٧٥،
(٢) لم أجد هذه الرواية فيما لديّ من مراجع، إلا أني وجدت رواية مختصرة معناها قريب من هذا المعنى من غير تحديد أسماء في تفسير الطبري ٧/ ٥٨٥، وتفسير ابن أبي حاتم (١٢٥١٦)، والدر المنثور ٥/ ١١١.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) ساقطة من ع.
(٥) ساخت بهم الأرض أي: انخسفت وغاصت. ينظر: لسان العرب ٣/ ٢٧.
(٦) الأصول المخطوطة: الحالتان.
(٧) الفزاري، استعمله عمر بن العزيز على البصرة، توفي ١٠٢ هـ‍. ينظر: الثقات لابن حبان ٥/ ٢٧١، وتهذيب الكمال ١٩/ ٥٢٠، وتاريخ الإسلام ٤/ ١٥٠.


الصفحة التالية
Icon