﴿وَدَمٍ:﴾ في العروق.
﴿لَبَناً:﴾ هو الحليب الطيب، لا يشبه المجاورين الخبيثين في طعم ولا لون ولا رائحة ولا طبيعته، مع لطافته، وسرعة استحالته، وأنّه يجري من الطعام والشراب، ويتخذ منه الحلو (١) والحامض والمالح (١٨٢ ظ) والرقيق والخاثر والمنعقد، ينفع كلّ واحد لشيء، ويستلذّ بكل شيء، وقال عليه السّلام: «إنّ الله تعالى لم ينزل داء إلا (٢) أنزل معه دواء، فعليكم بألبان البقر فإنّها ترمّ من كلّ الشجر». (٣)
قال ابن عباس: دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ميمونة (٤)، فجاءتنا بإناء] من لبن، فشرب النبيّ عليه السّلام وأنا على يمينه، وخالد على شماله، فقال لي: الشربة لك، فإن شئت آثرت بها خالدا، فقلت: ما كنت لأوثر على سؤرك (٥) أحدا، ثم قال عليه السّلام: «من أطعمه الله طعاما، فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وأطعمنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا، فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وزدنا منه». (٦) وعن أبي هريرة (٧)، عنه عليه السّلام: «نزل ملكان بأربعة أقداح: لبن وعسل وخمر وماء، فقالا: إن يشرب (٨) الخمر يغو وتغو أمّته، وإن يشرب العسل يسفه وتسفه أمّته، وإن يشرب الماء يغرق وتغرق أمّته، وكنت رجلا أحبّ اللبن، فأخذت قدح اللبن، فشربت منه ثلاثة أنفاس، فصعد الملكان، وهما يقولان: رشد ورشدت أمته». (٩) الحمد لله الذي هداه للفطرة لشراب إبراهيم عليه السّلام.
٦٧ - ﴿سَكَراً:﴾ خمرا، وهو نقيع التمر والزبيب إذا اشتدّ قبل الطبخ.
عن ابن مسعود: أنّ رجلا به صفار أتاه، فسأله عن السّكر، فنهاه.
﴿وَرِزْقاً حَسَناً:﴾ هو المطبوخ من نبيذ التمر والزبيب. والثلثي من عصير العنب. وقيل:
_________
(١) ك وأ: الجلود.
(٢) ساقطة من أ.
(٣) ينظر: مسند أبي حنيفة ٤٣١ - ٤٣٢، وكتاب الآثار ١/ ٢٣٥، وصحيح ابن حبان (٦٠٧٥)، والسنن الكبرى (٦٨٦٣) و (٧٥٦٦).
(٤) أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، زوج النبي عليه السّلام، توفيت سنة ٥١ هـ‍. ينظر: تسمية من أخرج لهم البخاري ومسلم ٦٠، والاستيعاب ٤/ ١٩١٥، وشذرات الذهب ١/ ١٢ و ٥٨.
(٥) هنا في الأصل وأ زيادة لفظ الجلالة: الله، وليس له محل هنا.
(٦) ينظر: مسند الحميدي ١/ ٢٢٥، وإسحاق بن راهويه ٤/ ٢٢٨، وأبو داود (٣٧٣٠)، والترمذي (٣٤٥٥).
(٧) عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني، الحافظ الفقيه، صاحب رسول الله عليه السّلام، توفي سنة ٥٨ هـ‍. ينظر: الطبقات الكبرى ٢/ ٣٦٢. ومشاهير علماء الأمصار ١٥، وتحفة المحتاج ١/ ١٣٥.
(٨) أ: شربت.
(٩) السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٢٤٣.


الصفحة التالية
Icon