على نبيّنا عليه السّلام من رأس اثنتين وعشرين آية، قوله: ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ...﴾
[الإسراء: ٢٣] إلى رأس الأربعين قوله: ﴿وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ...﴾ [الإسراء: ٣٩] قال:
وهي عشر آيات في التوراة، قال: هذه الآيات سبع عشرة آية عند القرّاء، فإن لم يقع سهو من جهة الرواة، فكأنّه عدّ ﴿سُلْطاناً﴾ [الإسراء: ٣٣]، أو ﴿بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ﴾ [الإسراء: ٣٥] آية.
٤٠ - ﴿أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ﴾ نزلت في بني مليح، ومن ذهب مذهبهم من قريش. (١) أي: أفآثركم بالبنين على نفسه، ورضي لنفسه بالبنات، إن كان يليق به الولادة، واتخاد الولد على زعمكم.
﴿قَوْلاً عَظِيماً:﴾ لأنّهم كذبوا، ثمّ لم يرضوا بتكذيبهم حتى جعلوه في غاية القبح والبشاعة.
٤١ - ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنا:﴾ أي: صرّفنا الآيات.
﴿نُفُوراً:﴾ تباعدا وتوحشا.
٤٢ - ﴿قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ:﴾ وجه الردّ عليهم: أنّ الشيء لا ينفصل عن جنسه إلا قهرا، فلو كانت في العالم لله أجناس، لكانت قاهرة غير مقهورة، ولو كانت كذلك لاتّحدت به، ولرجع الأمر إلى الوحدانية، والثاني: أنّ مساواة الأدنى داعية إلى مزاحمة الأعلى فيما تفرّد به، ومزاحمته تؤدّي إلى فسخ المواضعة، وفسخ المواضعة (٢) يوجب توحيد الأعلى.
٤٣ - ﴿عُلُوًّا:﴾ أي: تعاليا، كقوله: ﴿فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ﴾ [آل عمران: ٣٧]، ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً﴾ [المزمل: ٨].
٤٤ - ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ:﴾ تسبيح الكلّ قريب من صوت الكلّ، وهو الأصوات الدالّة على محدثها، ومحدث ذواتها، وكلّ صامت ناطق بالدلالة على صانعه. وعن الحسن: اللّبنة تسبّح، فإذا بني بها سبّحت مع الأرض. (٣) وقال النخعي: الطعام يسبّح. (٤) وقال عكرمة لرجل: قميصك هذا يسبّح. وقال رجل لأبي هريرة: أسمع لبيتي تقعقعا، قال ذلك تسبيح الجدر. (٥)
_________
(١) ينظر: تفسير الطبري ٨/ ٨٣، وزاد المسير ٥/ ٢٨، وابن كثير ٣/ ٥٨.
(٢) (وفسخ المواضعة)، ساقطة من ك وع.
(٣) ينظر: الدر المنثور ٥/ ٢٥٧.
(٤) ينظر: تفسير الطبري ٨/ ٨٥، والدر المنثور ٥/ ٢٥٥ و ٢٥٦.
(٥) ينظر: كتاب الهواتف ٩٥.


الصفحة التالية
Icon