تستأني بهم لعلّنا نتخيّر منهم، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن [كفروا] أهلكوا كما أهلك من قبلهم، فقال عليه السّلام: «بل استأني بهم»، فأنزل. (١) مقاتل: أنّ عبد الله بن أبي أميّة والحارث بن هشام سألا رسول الله أن يريهما آية مثل آيات الأنبياء قبله، فأنزل.
واللفظ مجاز وحقيقة، ما منع آياتنا أن تكون مرسلة من عندنا إلا تكذيب الأولين.
وفائدة اللفظ ابتلاء المخاطبين ليتميّز العالمون من غيرهم.
﴿مُبْصِرَةً:﴾ جليّة بيّنة، كقوله: ﴿وَالنَّهارَ مُبْصِراً﴾ [يونس: ٦٧].
﴿فَظَلَمُوا بِها:﴾ فكفروا بها، وكذّبوا بها، أو ظلموا أنفسهم بقتلها.
﴿وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاّ تَخْوِيفاً:﴾ أي: لا نرسل بالآيات إليكم أيّها الآخرون إلا على سبيل الإنذار والوعظ. والثاني: لا نرسل بالآيات الملجئة إلا للتخويف الذي هو الإكراه.
٦٠ - ﴿وَإِذْ قُلْنا:﴾ واذكر إذ قلنا. وفائدة التذكير: التسلية بأنّهم في قبضته، ولو شاء لهداهم أجمعين. واتصالها بما قبلها من حيث ذكر الآيات، فإنّ الرؤيا من جملة الآيات. قال ابن عباس: هي رؤيا عين أريها النبيّ عليه السّلام ليلة أسري به إلى بيت المقدس. (٢)
﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ:﴾ هي الزقوم، نصب بالعطف على الرؤيا، أي: وما جعلنا الرؤيا والشجرة (٣) كلتيهما إلا فتنة للناس لمكان الشبهة والالتباس، وإنّما وصفت بالملعونة لكون أهليها (٤) وآكليها ملعونين، ولكونها (٥) مكروهة مستبشعة (٦) خبيثة، تنفر الطّباع منها وتلعنها.
٦١ - ﴿طِيناً:﴾ نصب لنزع الخافض، أو لأنّه مفعول ثاني لقوله، أي: كونه في الابتداء طينا، أو للحال، أي: قدرته وصورته في حال كونه طينا.
٦٢ - ﴿أَرَأَيْتَكَ:﴾ استفهام بمعنى الإنكار.
﴿هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ:﴾ مبتدأ وخبر في محل الرفع بالاستفهام.
﴿لَأَحْتَنِكَنَّ:﴾ الاحتناك: الإفساد. وقيل: الاحتناك: الاستئصال. (٧)
_________
(١) ينظر: تفسير الطبري ٨/ ٩٨، وزاد المسير ٥/ ٣٩، والدر المنثور ٥/ ٢٦٨، وما بين المعقوفتين زيادة من مصادر التحقيق.
(٢) ينظر: تفسير الطبري ٨/ ١٠١، وزاد المسير ٥/ ٤٠، وابن كثير ٣/ ٦٨ - ٦٩، والدر المنثور ٥/ ٢٧٠.
(٣) ساقطة من أ.
(٤) ع: أهلها.
(٥) ك: لكونه.
(٦) (مكروهة مستبشعة خبيثة)، بياض في أ.
(٧) ينظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة ١/ ٣٨٤، وياقوتة الصراط ٣١٠ عن ابن الأعرابي، وإيجاز البيان عن معاني القرآن ٢/ ٥٠٣، والغريبين في القرآن والحديث ٢/ ٥٠٣ عن الأزهري.


الصفحة التالية
Icon