﴿نافِلَةً:﴾ صفة لاسم مضمر، واتصالها بها بإضمار جعلناها. وقيل: على الحال. (١) قال ابن عباس: ليس لأحد نافلة غير النبيّ عليه السّلام؛ لأنّ كلّ إنسان يخاف على نفسه أن لا تقبل فريضته. (٢)
﴿مَقاماً مَحْمُوداً:﴾ مقام الشفاعة بين يديّ الله تعالى. وعن كعب بن مالك، عنه عليه السّلام:
«يحشر الناس يوم القيامة، فأكون أنا وأمّتي على تلّ، فيكسوني ربّي حلّة خضراء، ثمّ يؤذن لي في الشفاعة، فأقول ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود». (٣)
أبو حنيفة رحمه الله، عن شداد (٤)، وعطية العوفي (٥) كليهما، عن أبي سعيد الخدري (٦): في قوله: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ...﴾ الآية، قال: يخرج الله قوما من النار من أهل الإيمان والقبلة بشفاعة محمد عليه السّلام فذلك المقام المحمود، فيؤتى بهم نهرا (٧) يقال له: الحيوان، فيلقون فيه، فينبتون فيه كما يخرج الشعارير (٨)، ثم يخرجون منه، فيدخلون الجنة، فيسمون فيها:
الجهنميين (٩)، ثم يطلبون إلى الله أن يذهب ذلك الاسم عنهم، فيذهب. (١٠)
٨٠ - ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي:﴾ عن ابن عباس، قال: كان النبيّ عليه السّلام بمكة، ثم أمر بالهجرة، فنزلت: ﴿وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ﴾ [الإسراء: ٨١]. (١١) عن ابن مسعود: دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة عام الفتح، وحول الكعبة ثلاث مئة وستون نصبا، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يطعنها بمخصرة (١٢) في يده، وربما قال: بعود، ويقول: ﴿جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً﴾ ﴿وَما يُبْدِئُ﴾
_________
(١) ينظر: اللباب ١٢/ ٣٦٠، والتبيان في إعراب القرآن ٢/ ٩٥، والدر المصون ٤/ ٤١٤.
(٢) ينظر: مجمع البيان.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٤٥٦، والبخاري في التاريخ الكبير ٥/ ٣٠٩، والهيثمي في موارد الظمآن ١/ ٦٣٩ (٢٥٧٩)، والطبراني في مسند الشاميين (١٧٥٩).
(٤) أبو رؤبة شداد بن عبد الرحمن القشيري، ينظر: الثقات لابن حبان ٤/ ٣٥٧، ورواة الآثار ٩٥.
(٥) أبو الحسن عطية بن سعد العوفي الجدلي، تابعي، من شيعة الكوفة، توفي سنة ١١١ هـ‍. ينظر: أحوال الرجال ١/ ٥٦، والضعفاء والمتروكين ٣/ ٨٥، والكامل في ضعفاء الرجال ٥/ ٣٦٩.
(٦) هو سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة الخدري الأنصاري، الإمام المجاهد، مفتي المدينة، توفي سنة ٦٤ هـ‍. ينظر: معجم الصحابة ١/ ٢٥٨، وصفة الصفوة ١/ ٧١٤، والإكمال ٤/ ٤٤٦.
(٧) ساقطة من ع.
(٨) الأصل: النعارير، وك: النقارير. والشعارير: واحدها شعرور، وهو صغار القثاء. ينظر: العين ١/ ٢٥٢، وغريب الحديث للحربي ١/ ١٥٠.
(٩) الأصول المخطوطة: الجهنميون.
(١٠) ينظر: شرح مسند الإمام أبي حنيفة ٢٩٤ - ٢٩٥، وحلية الأولياء ٧/ ٢٥٣.
(١١) ينظر: زاد المسير ٥/ ٥٦.
(١٢) المخصرة: ما اختصره الإنسان في يده فأمسكه من عصا أو مقرعة أو عنزة أو عكازة أو ما أشبهها. غريب الحديث لأبي عبيد ١/ ٣٠٨، ولسان العرب ٤/ ٢٤٣.


الصفحة التالية
Icon