السلطان فيقتله، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنة (١)، ولا تفرّوا من الزحف، وعليكم اليهود خاصة أن (٢) لا تعدوا في السبت»، فقبّلا يديه ورجليه، وقالا: نشهد أنّك نبيّ (٣)، قال: «فما يمنعكما أن تسلما؟» قالا: إنّ داود عليه السّلام دعا الله أن لا يزال في ذريته نبيّ، وإنّا نخاف أن يقتلنا اليهود. وقال أبو عيسى (٤): هذا حديث حسن صحيح. (٥) لاعتراف اليهوديين به، وشهادة ظاهر القرآن له من وجهين: أحدهما: قوله: ﴿فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ﴾ وموسى لم يجئ بني إسرائيل بالطوفان والجراد والقمّل، ولكنّه جاءهم بالأمر والنهي. والثاني: قوله: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ...﴾ [الإسراء: ١٠٥] على هذه القاعدة، والقرآن النازل بالحق إنّما هو أمر ونهي دون عذاب، ودعوة داود عليه السّلام صحيح أيضا مستجابة؛ لأنّ عيسى بن مريم، صلوات الله عليه، لم يقتل، ولم يصلب، ولم يمت بعد، وأما في سورة النمل عند قوله: ﴿وَأَدْخِلْ (٦)﴾ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ [النمل: ١٢] فمشكل جدا، يحتمل: أنّ المراد تسع مع اليد والعصا. ويحتمل: سوى اليد والعصا. ويحتمل: سوى العصا. وقد اختلفت الروايات عن ابن عباس، وروى عكرمة: اليد والعصا والطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم والسنون، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وهو (١٩٥ ظ) قول الشعبي ومجاهد والكلبي. (٧) ولا يبعد أن يكون (٨) الجراد مع القمّل آية واحدة، والسنون مع نقص الثمرات آية واحدة. وروى سعيد بن جبير، عنه في قوله: ﴿وَفَتَنّاكَ فُتُوناً﴾ [طه: ٤٠] جملة الآيات غير محصورة، منها اليد والعصا والطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم، وفلق البحر، ونتق الجبل على بني إسرائيل، وما آتاهم الله في التيه من المطعم والمشرب والملبس.
﴿مَسْحُوراً:﴾ ساحرا، بدليل سائر النظائر. وقيل: مسحورا حقيقة؛ لقوله: ﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ [الشعراء: ٢٧]. (٩)
_________
(١) (ولا تقذفوا محصنة)، ساقطة من أ.
(٢) أ: بخاصيان.
(٣) ع: نبي الله.
(٤) محمد بن عيسى بن سورة السلمي البوغي الترمذي، مصنف الجامع، توفي سنة ٢٩٧ هـ‍. ينظر: الفهرست ٢٣٣، وتذكرة الحفاظ للذهبي ٢/ ٦٣٣، والوافي بالوفيات ٤/ ٢٩٥.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٢٣٩، وابن أبي عاصم في الجهاد (٢٧٥)، والترمذي في السنن (٣١٤٤)، وابن ماجه في السنن (٣٧٠٥).
(٦) ع: أدخل.
(٧) ينظر: مسند أحمد (١٧٦٢٦)، وسنن الترمذي (٣١٤٤)، وسنن النسائي (٤٠٧٨)، والدر المنثور ٥/ ٣٠٢.
(٨) ع: فيكون.
(٩) ينظر: الدر المصون ٤/ ٤٢٤.


الصفحة التالية
Icon